للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على التيسيرِ في التشريعِ؛ فعفا اللهُ عن واجباتٍ، ورخَّصَ في منهيَّاتٍ؛ تيسيرًا ورحمةً وصَفحًا، وتنبيهًا على عدمِ المؤاخَذةِ على ذلك.

* * *

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: ٥٨].

أمَرَ اللهُ بأداءِ الأماناتِ إلى أهلِها، وهم مُستحِقوها، والأمانةُ تذكَرُ في القرآن مُطلقة مِن غيرِ أن تُعدَّى ولا تُضَافَ، وتُذكَرُ مُتعدِّيةً ومضافةً:

فتُطلَقُ كما في قولِه تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} [الأحزاب: ٧٢].

وتُذكَرُ متعديةً كما في هذه الآيةِ.

والأصل عندَ إطلاقِها: العموم؛ فيدخُلُ فيها حقُّ اللهِ وأمانته، وهو توحيدهُ وإفراده بالعبادةِ وطاعتُه، ويدخُلُ فيها حقُّ خَلقِهِ فيما بينَهم ممَّا فُطِرُوا عليه مِن حبِّ العدلِ والإنصاف وبُغضِ الظُّلْم، والعملُ بهذه الفِطرةِ.

وعندَ تعدِيَتِها وإضافتِها، فبحسَب نوعِ الإضافةِ؛ فإن أُضِيفَت وعُدِّيت إلى فاعِلِيها، فهي عامَّةٌ في كلِّ أمانةٍ؛ كما في قولِه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: ٢٧]، وقولِه في سورةِ المؤمنونَ والمعارجِ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: ٨، والمعارج: ٣٢]، وإن عُدِّيَت وأضِيفَت إلى مُستحقِّيها كما في هذه الآية، فهي في الحقوقِ بين النَّاسِ كما في الآيةِ.

حقوق النَّاس، وأداءُ الأماناتِ:

والمقصودُ بالأماناتِ في الآيةِ هي حقوقُ النَّاس، وهي عظيمةٌ، إذ

<<  <  ج: ص:  >  >>