للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلفِ يلبِّي وهو غيرُ مُحرِمٍ؛ كابنِ مسعودٍ، ولم يكنْ داخلًا في النسكِ، ولا فارضًا على نفسِهِ شيئًا مِن لوازمِه.

ثمَّ لمَّا ذكَرَ اللهُ أزمنةَ الحجِّ، ذكَرَ المحظوراتِ على الحاجِّ بعدَ دخولِهِ في الحجِّ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}.

حكمُ مباشَرَة المحرِمِ لزوجتهِ:

والمرادُ بالرَّفَثِ: الجِمَاعُ؛ كما في قولِ اللهِ تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧]، ويسمَّى في القرآنِ: لَمْسًا ومَسًّا، ورَفَثًا وغِشْيَانًا، وحَرْثًا ونِكاحًا، ووَطْئًا ودُخُولًا وإفضاءً.

وكما يحرُمُ الجماعُ تحرُمُ دواعِيهِ مِن المباشَرةِ والتقبيلِ لشهوةٍ، وقد روى نافعٌ؛ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ كان يقولُ: "الرَّفَثُ إتيانُ النساءِ, والتكلُّمُ بذلك للرجالِ والنساءِ إذا ذكَرُوا ذلك بأفواهِهم" (١).

ورُوِيَ هذا المعنى عن جماعةٍ؛ كابنِ عباسٍ وطاوسٍ، وعطاءٍ وغيرِهم (٢).

ونَصَّ بعضُ السلفِ على الفرقِ بين الكلامِ بدواعِي الجماعِ بحضرةِ المرأةِ وبغيابِها، فيَمنَعُ منه بحضرتِها، ويُجِيزُهُ في غيابِها؛ وهذا مرويٌّ عن ابنِ عباسٍ (٣)، وأبي العاليةِ (٤)، وحكاهُ ابنُ جريرٍ إجماعًا (٥).

وقولُهُ تعالى: {وَلَا فُسُوقَ}؛ كلُّ محرَّمٍ مِن الأقوالِ والأفعالِ في غيرِ الحجِّ، فهو في الحجِّ آكَدُ، وهو المرادُ هنا، وأكثرُ ما يدخُلُ فيه: الأقوالُ؛ لعمومِ البَلْوَى بها؛ كما في قولِه - صلى الله عليه وسلم -: (سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ،


(١) "تفسير الطبري" (٣/ ٤٥٩).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣٤٦).
(٣) "تفسير الطبري" (٣/ ٤٥٩).
(٤) "تفسير الطبري" (٣/ ٤٦١).
(٥) "تفسير الطبري" (٣/ ٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>