للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللَّهُ أمَرَ بقتالِ الباغي؛ سواءٌ كان الوصفُ في واحدةٍ أو في اثنتَيْنِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا}.

* * *

* قال اللَّهُ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: ١١].

لمَّا ذكَرَ اللَّهُ فيما سبَقَ اقتتالَ المؤمنينَ فبما بينَهُمْ وبَغْيَ بعضِهم على بعضٍ، نَهَى هنا عن إطلاقِ اللِّسَانِ بسُخْرِيَّتِهم بعضِهم مِن بعضٍ، والسَّبِّ والتعييرِ والتنابُزِ بالألقابِ؛ وهذا فيه إشارةٌ أنَّ إطلاقَ اللِّسانِ بالباطلِ أعظَمُ أسبابِ الفِتَنِ الكُبْرَى التي يَقتتلُ فيها المؤمنونَ؛ فمَنْ لم يَحفَظْ لِسَانَهُ عن أخيه، لا يُؤمَنْ مِن إطلاقِ سِنَانِهِ عليه.

الكِبْرُ واحتقارُ سببٌ للفِتَنِ بينَهم:

قال تعالى: {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ}، والسُّخْرِيَّةُ هي استصغارُ الناسِ واحتقارُهم، ولا يكونُ ذلك إلَّا مِن متكبِّرٍ، وبمقدارِ كِبْرِهِ ينطلِقُ لسانُه في الناسِ تحقيرًا وتصغيرًا، وقد ثبَتَ في الصحيحِ، عن رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ أنَّه قال: (الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ) (١)، وفي لفظٍ: (وَغَمَصَ النَّاسَ) (٢)، ومَن تكبَّرَ احتقَر؛ لأنَّه لا يُحبُّ أنْ يَعلُوَهُ أحدٌ.


(١) أخرجه مسلم (٩١)؛ من حديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه الترمذي (١٩٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>