للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الصحيحِ"؛ فقد طَلَّقَها زَوْجُها أبو عَمْرِو بنُ حفصٍ البتَّةَ، قالتْ: فلمَّا حَلَلْتُ، ذَكَرْتْ للنبيِّ أنَّ معاويةَ وأبا جَهْمٍ خَطَبَانِي (١).

وكذلك البائنُ؛ لانقطاعِ عِصْمَتِها مِن يَدِ زَوْجِها، وهو المعتمَدُ في المذاهبِ الأربعةِ.

والتعريضُ هو ضِدُّ التصريحِ، ويختلِفُ مِن عُرْفٍ إلى عُرْفٍ، ومِن لُغَةٍ إلى أُخرى؛ كقولِ الرَّجُلِ: "إنْ خَرَجْتِ مِن عِدَّتِكِ، فآذِنِيني".

وقد نَهَى اللهُ عنِ التصريحِ؛ لترخيصِهِ في التعريضِ، ولو جاز التصريحُ، لَذَكَرَهُ ورخَّصَ فيه؛ لأَنَّ تجويزَ التصريحِ يدخُلُ فيه التعريضُ، ولا يدخُلُ في التعريضِ التَّرخيصُ في التصريحِ، بل هو علامةٌ على النهيِ عنه.

وقولُهُ: ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾، الأشهَرُ هو أخذُ ميثاقِها سِرًّا في عِدَّتِها ألَّا تتزوَّجَ إلَّا إيَّاه، ولا يُظهِرُ الأمرَ علانيةً؛ وذلك لأنَّه يجلِبُ مَفاسِدَ عليها وعلى مَنْ واعَدَها، فربَّما عرَّض لها بَعْدَهُ أصلَحُ منه فتندَمُ، ويقَعُ في النفوسِ الشَّرُّ.

ولأنَّ التصريحَ في العِدَّةِ والمواعَدةَ سِرًّا يُخرِجُ المرأةَ مِن حُكْمِها في عِدَّتِها وتعظيمِ حقِّ زَوْجِها الميتِ إلى التعرُّضِ للخُطَّابِ، وربَّما دفَعَها ذلك إلى التساهُلِ في التجمُّلِ والتحلِّي بما يُنهَى عنه مِثلُها في عِدَّتِها.

وربَّما دفَعَها ذلك إلى الكَذِبِ بانقضاءِ عِدَّتِها؛ لطمعِ النفسِ في الزوجِ.

وعلى هذا المعنى: حمَلَ جماعةٌ مِن السلفِ المواعَدةَ في الآيةِ


(١) أخرجه مسلم (١٤٨٠) (٢/ ١١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>