للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو صريحٌ في بقاءِ الحُكمِ يومَ حُنينٍ، وأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لا يَملِكُ غيرَ الخُمُسِ.

ويعضُدُ ذلك ويُستأنَسُ بما رواهُ الشافعيُّ؛ قال: "أخبَرَنا بعضُ أصحابِنا، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ؛ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعطى الأَقْرَعَ وأصحابَهُ مِن خُمُسِ الخُمُسِ" (١).

وأمَّا كثرةُ المالِ الذي أعطاهُ، فقد أَعطَى الأَقرَعَ بنَ حابِسٍ، وعُيَيْنَةَ بنَ حِصْنٍ، وحَكِيمَ بنَ حِزَامٍ، وأبا سُفْيانَ بنَ حَرْبٍ، وابنَهُ مُعاويةَ، والحارتَ بنَ هشامٍ، وسُهَيلَ بنَ عمرٍو، وحُوَيْطِبَ بنَ عبد العُزَّى، وصَفْوَانَ بنَ أُمَيَّةَ مئةَ بَعِيرٍ، ومالكَ بنَ عَوْفٍ، والعلاءَ بنَ جَارِيَةَ الثَّقَفِيَّ حَلِيفَ بَني زُهْرةَ، وغيرَهم مِئَةً مِن الإبل، وأَعطَى عيرَهم أقَلَّ مِن المِئَة، وقد اختلَفَتْ كُتُبُ السِّيَرِ في عددِ مَن تألَّفَ قلْبَه مِن قريشٍ وغَطَفَانَ وتميمٍ وبَني قيسٍ وثقيفٍ وغيرِهم مِن الغنيمة، وقد ذكَرَ ابنُ هشامٍ تسعةً وعشرينَ رجلًا، ولو جُمِعَ صحيحُ الرِّواياتِ وضَعيفُها، فإنَّهم لا يَبلُغُونَ ستِّينَ رجلًا، ولم يُساوِهم جميعًا في العطاء، وغنائمُ حُنَيْنٍ عظيمةٌ، وقد قيل: إنَّها فوقَ أربعةٍ وعشرينَ ألفًا مِن الإبل، ومِن الغنمِ قريبُ الضِّعْفِ مِن الإبل، وبضعةُ آلافٍ مِن أَوَاقِي الفِضَّةِ والسَّبْي، والخُمُسُ مِن الإبلِ خاصَّةً - الذي يَملِكُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَضْعَهُ فيما يراهُ -: عظيمٌ، وَيستوفي ذلك العَدَدَ ويَزيدُ.

وأمَّا ما جاءَ في "الصحيحَينِ"، عن أنسِ بنِ مالكٍ؛ أنَّ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - أعطَى الطُّلَقَاءَ والمُهاجِرينَ، ولم يُعْطِ الأنصارَ شيئًا (٢)، فظاهرٌ أنَّهم لم يُعطَوْا شيئًا مِن النَّفَل، وهو الخُمُسُ، وليس بصريحٍ أنَّهم لم يُعطَوْا مِن


(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٣٣٧).
(٢) أخرجه البخاري (٤٣٣٣)، ومسلم (١٠٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>