لشريعةِ الجهاد، وشريعةُ الجهادِ لم تكنُ مقصودةً لِذَاتِها؛ وإنَّما جاءَ تَبَعًا لكفرِ الأُممِ وإعراضِها عن عبادةِ اللهِ؛ كما قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٣]، وإذا اختَلَّتْ أولويَّاتُ المَقاصدِ الشرعيَّة، اختَلَّ ثَبَاتُ الأمَّةِ؛ لمُخالَفَتِها لأمرِ ربَّها؛ ولهذا لمَّا أَسَرَ النبيُّ ﷺ مِن قريشٍ في غزوةِ بَدْرٍ، وكانتْ أوَّلَ غَزَواتِهم الظاهرة، ولم تَعرِفِ الأُمَمُ بَأْسَهم، ولم يكنْ لهم ظهورٌ ورُعْبٌ في نفوسِ عدوِّهم، وشاوَرَ النبيُّ ﷺ أصحابَهُ فيهم، وكان أكثرُهم يرَوْنَ الفِداءَ بالمال، فمالَ لذلك النبيُّ ﷺ: عاتَبَ اللهُ أولئك الذين أشارُوا إلى الفِدْية، وكان عمرُ ممَّن قال بالقتل، وكان أبو بكرٍ ممَّن قال بالفِدَاء، وكان النبيُّ ﷺ قد أدَّى ما عليه مِن الشُّورَى والأخذِ بما عليه عامَّةُ المُسلِمينَ أو أكثرُهم بما لم يكنْ فيه نصٌّ بيِّنٌ، فإنَّ الذين قالوا بالإثخانِ بالقتلِ قِلَّةٌ؛ كعمرَ بنِ الخطَّاب، وسعدِ بنِ مُعاذٍ، وعبدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ.