عرَضُوا على ذي القَرْنَيْنِ جمعَ المالِ لبناءِ السدِّ، فامتنَعَ لكِفَايتِه، وفي هذا: جوازُ جمعِ الحاكمِ والسُّلْطانِ المالَ مِن الناسِ عندَ الشدائدِ والحروبِ لدفعِ العدوِّ، وإنْ كان في بيتِ المالِ كفايةٌ، فالأَوْلى أن يستغنيَ به عن مالِ الناسِ؛ كما استغنى ذو القرنَيْنِ عن ذلك؛ فقال: ﴿مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾؛ أي: إنَّ الذي أَعطاني اللَّهُ مِن القُدْرةِ والقُوَّةِ خيرٌ لي مِن الذي تَجمَعونَه، واستعانَ بما يَقدِرونَ عليه ولا يَقدِرُ عليه، وهو عملُ أبدانِهم؛ فقال: ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (٩٥) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ [الكهف: ٩٥ - ٩٦].