للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال تعالى: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ [الكهف: ٨٢].

كان للغلامَيْنِ حائطٌ، وتحتَهُ كَنزٌ لهما، وقد اختُلِفَ في الكَنْزِ: هل هو كَنْزُ عِلْمٍ وكتُبٍ، أو كَنْزُ مالٍ؟ فقد جاء عن ابنِ عبَّاسٍ وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ ومجاهدٍ: أَنَّه كَنْزُ عِلْمٍ (١)، وجاء عن الحسَنِ أنَّه لَوْحٌ مِن ذهبٍ مكتوبٌ فيه (٢)، وجاء عن عِكْرِمةَ وقتادةَ: أنَّه كَنْزُ مالٍ (٣).

وقد حَفِظَ اللَّهُ الغلامَينِ بصلاحِ والدِهما، وإنَّما ذكَرَ صلاحَ الوالدِ؛ لأنَّ الولدَيْنِ على خلافِ ذلك؛ فحفظُ الولدِ بصلاحِ نفسِهِ أَولى مِن حفظِه بصلاحِ غيرِه.

وفي هذه الآيةِ: حفظُ مالِ اليتيم وفضلُ رعايتِه، وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك عندَ قولِهِ تعالى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢] وما بعدَها، وعندَ قولِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾ [النساء: ١٠]، وتقدَّم الكلامُ على الاتِّجارِ به واستصلاحِهِ عندَ قولِهِ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٠]، وتقدَّم الكلامُ في حفظِهِ حتى يبلُغَ ومقدارِ الأخذِ منه بالمعروفِ في قولِهِ تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦].

وتقدَّم الكلامُ في حفظِ مالِ الصغيرِ وعدمِ وَضْعِ المالِ في يدِه حتى


(١) "تفسير الطبري" (١٥/ ٣٦٢ - ٣٦٣).
(٢) "تفسير الطبري" (١٥/ ٣٦٤).
(٣) "تفسير الطبري" (١٥/ ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>