للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعود إلى أوَّل الآية (١).

وفي الآيةِ: تنبيه على وجوبِ ترتيب أعضاءِ الوضوء، وبالآيةِ استدل أحمدُ على ذلك؛ كما نقَلَ عنه ابنُهُ عبد الله أنه سألهُ عن رجلِ أرادَ الوضوءَ، فاغتمَسَ بالماءِ يجزيه؟ قال: أمَّا مِن الوضوءِ فلا يجزيه حتى يكون على مخرجِ الكتابِ وكما توضَّأ النبي . وكذلك نقلَهُ عنه ابنُهُ صالح من "مسائله"، قال أحمد: فرضه الله في القرآنِ تأليف شيءٍ بعد شيء (٢). والترتيب واجب على الصحيحِ مِن أقوالِ العلماءِ؛ وذلك مِن وجوه:

الأول: أن ترتيب الذِّكرِ قرينة على ترتيبِ الفِعلِ في القرآنِ؛ ويؤيِّدُ ذلك: أنَّ اللهَ أدخَلَ ممسوحا -وهو الرأسُ - بينَ مغسولات؛ لبيانِ قصدِ الترتيب بينَ الأعضاءِ.

الثاني: أن النبي فسَّر الآيةَ بدوام الترتيب، فمع وضوئِهِ لكلِّ صلاة وكثرةِ وقوعِ ذلك منه وتعدُّدِ الرواياتِ الصحيحة، لم يصح أن النبيَّ لم يرتب، والتيسير مَقصَد مِن مقاصدِ الشريعة، والفعلُ متكرِّرٌ في اليومِ مرَّات، ولما لم يُخالِف، دل على قصدِ الترتيبِ ووجوبِه.

الثالثُ: أن النبي يسّر في عدمِ الترتيب بينَ أعضاءِ التيمم، فصحتِ الرواياتُ في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ أبي الجُهَيْم، عن النبي ، قال: "فَمسَحَ بِوَجهِهِ وَيَدَيه" (٣)، وفي حديثِ عمارِ؛ في "الصحيحَين": "مَسَحَ بِهِمَا وَجهَهُ وَكَفيهِ" (٤)، وفي رواية لمسلمٍ مِن حديثِ عمَّار؛ قال فيه: "ضَرَبَ بِيَدَيه الأرضَ ضَربَة وَاحِدَةً، ثم مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى اليَمِين، وَظَاهِرَ


(١) "مسائِل صالح" (٢٧).
(٢) "مسائل عبد الله" (٢٧)، و"مسائل صالح" (٣٣٩).
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٧) (١/ ٧٥)، ومسلم (٣٦٩) (١/ ٢٨١).
(٤) أخرجه البخاري (٣٣٨) (١/ ٧٥)، ومسلم (٣٦٨) (١/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>