للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الصحيحَيْنِ" للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أبَوَيَّ؟ " (١).

وأمَّا مِن جِهةِ وجوبِ ذلك مِن عدمِه، فإنَّ خروجَها على حالَينِ:

خروجٌ ليس بعارِضٍ؛ كالخروجِ إلى الأسواق، أو شهودِ الولائم، وأشَدُّ منه السفرُ؛ فذلك لا يجوزُ إلَّا بإذنِه، وقد حَكَى بعضُ العلماءِ الاتَّفاقَ على ذلك؛ قال ابنُ تيميَّةَ: "فليس لها أنْ تخرُجَ مِن منزِلِهِ إلَّا بإذنِه، سواءٌ أمَرَها أبوها أو أمُّها أو غيرُ أبوَيْها، باتِّفاقِ الأئمَّةِ" (٢).

وأمَّا خروجُها لِما جرَى العُرْفُ بالخروجِ إلى مِثْلِه، كما كانتِ النِّساءُ تخرُجُ إلى المسجدِ والخَلَاء، وخروجِ المرأةِ إلى جارتِها وما أشرَفَ على دارِها، فخروجُها لمِثْلِهِ جائزٌ ما لم يَمنَعْها منه، وقد كانتْ أُمَّهاتُ المؤمِنينَ يَفْعَلْنَ ذلك، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسألُ الواحدةَ منهنَّ: (أَيْنَ كُنْتِ؟ )، كما جاء عن عائشةَ؛ قالتْ أَبْطَأْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيلَةً بَعْدَ الْعِشَاء، ثُمَّ جِئْتُ، فَقَالَ: (أَيْنَ كُنْتِ؟ )، قُلْتُ؟ كُنْتُ أَسْتِمِعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِكَ، لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ وَصَوْتِهِ مِنْ أحَدٍ، قَالَتْ: فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ حَتَّى اسْتَمَعَ لَهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ: (هَذَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَ هَذَا) (٣).

ومِثلُ خروجِها: إذنُها لأحدٍ بالدخولِ في بيتِه، ولو كان ذلك مِن نسائِها، فإنْ كان ممَّن لا يُعتادُ إتيانُهُ في بيتِها وزوجُها شاهدٌ، فالأصلُ عدمُ إدخالِهِ إلَّا بإذنِه؛ لِما في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (٤).

ومَن جرَتِ العادةُ بدخولِهِ بيتَها؛ كأُمِّها وأُختِها وجارتِها، فذلك


(١) أخرجه البخاري (٤١٤١)، ومسلم (٢٧٧٠).
(٢) "مجموع الفتاوى" (٣٢/ ٢٦٣).
(٣) أخرجه ابن ماجه (١٣٣٨).
(٤) أخرجه البخاري (٥١٩٥)، ومسلم (١٠٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>