للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين البنت التي تكون في حَجْر الزوج وبين من تكون في حَجْر غيره؛ لأنَّ الله قال: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} (١).

والصحيحُ: أنَّ الله ذكر الحُجور وأضافها للأزواج بقولِه: {فِي حُجُورِكُمْ}؛ لأنَّ هذا هو الغالب؛ أنَّ البنت تتبع أُمَّها، والمعاني تُعلَّق بغالب الحال، وكذلك: فإنَّ في ذكر الحُجُور إشارةً إلى ما ينبغي أن تكون عليه الحال، ومن حُسْن العهد والمَعْشر مع الزوجة إكرام بنتها في كنفها ورعايتها معها.

ثمَّ إنَّ أحكام الحرام بيِّنةٌ، وتُناطُ بالأوصافِ والعلل الواضحة المُنضبطة، وتقييد الحُكم بالرَّبيبةِ إذا كانت في الحجر، ورفعُهُ إذا كانت في غيرهِ: لا ينضبِطُ؛ فلا تخلو الأمُّ من تعهُّد بنتها لها في حَجْر زوجها بعد أبيها، وربّما تنقَّلت البنتُ بين حَجْر زوج أمِّها وبين حَجْر أبيها أو كفيلها ووصيِّها من ذوي رحمها؛ فالبقاء في الحجورِ في مِثل هذه الصُّور لا ينضبِطُ؛ فقد تبقى البنتُ يومًا أو أسبوعًا أو شهرًا في حَجْر الزوج، ومثل هذه المدة أو قريبًا منها في حَجْر غيره، وحدُّ القَدْر الذي تكون فيه البنتُ (ربيبةً في الحجر) لا ينضبط، وأحكام التحريم تنضبط بوصفٍ بيِّنٍ؛ كزوجات الآباء، وتقييد تحريم البنات بالدخول على أُمَّهاتِهنَّ، وتحريم الرَّضاع بعددٍ معيَّنٍ وقدرٍ منضبطٍ.

وتحرُمُ بنتُ الزوجة على زوج أمِّها، ولو وُلدَت البنتُ من رجُلٍ بعد طلاقه لأمِّها؛ لأنَّ علَّة التحريم الدخول بأمِّها.

وتحريم زوج الأُمِّ على ابنتها شبيهٌ بتحريم زوجة الأب على ابنه، إلا أنَّ الله حرَّم نكاح زوجات الآباء بلا تقييد بالدخول بهنَّ، فيحْرُمْنَ بمجرَّد العقد، وجعل تحريم زوج الأُمِّ علي البنت بشرط الدخول بأمِّها،


(١) ينظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٩١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>