للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ٨٤ - ٨٦].

جعَلَ اللهُ عيسى مِن ذريَّةِ إبراهيمَ أو نوحٍ، على خلافٍ في رجوعِ الضميرِ في قولِه تعالى: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ﴾:

ورجوعُهُ إلى إبراهيمَ أشهَرُ؛ وبه قال يحيى بن يَعْمَرَ (١).

وقال بعضُهم: إنَّه يَرجِعُ إلى نوحٍ؛ وهو قولُ ابنِ جريرٍ (٢)؛ ويعضُدُ قولَهُ: أنَّ اللهَ ذكَرَ لُوطًا وهو ليس مِن ذريَّةِ إبراهيمَ، وهو ابنُ أَخِيه، وقيل: ابنُ أُختِه؛ فإبراهيمُ عمُّهُ أو خالُهُ، والعربُ تُنزِلُ الخالَ والعمَّ بمنزلةِ الوالدِ؛ ففي الوالدِ قال تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: ١٣٣]؛ فيعقوبُ هو ابنُ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ، وإسماعيلُ بن إبراهيمَ عمُّه، فسمَّاهُ اللهُ أبًا، وفي مسلمٍ؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ مرفوعًا: (إِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنوُ أَبِيهِ) (٣)، وفي الخالِ روى الدارقطنيُّ في الأفرادِ؛ مِن حديثِ عائشةَ مرفوعًا؛ أنَّ النبيَّ قال للأسودِ بنِ وهبٍ، وهو خالُهُ: (اجْلِسْ يَا خَالِ؛ فَإِنَّ الْخَالَ وَالِدٌ) (٤)، وفيه كلامٌ، ويعضُدُ معناهُ قولُ النبيِّ :


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١٣٣٥).
(٢) "تفسير الطبري" (٩/ ٣٨١).
(٣) أخرجه مسلم (٩٨٣).
(٤) "كنز العمال" (٣٨٣٣)، وأخرجه ابن شاهين في "الأفراد" (ص ١٨٩)، وابن بشران في "أماليه" (ص ٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>