اللِّباسَ بالزِّينةِ ولم يَستَثْنِ منه شيئًا، وإذا ورَدَ النصُّ لإطلاقِ الحِلِّ على عَيْنٍ، دَلَّ على أنَّ الأصلَ فيها الحِلُّ، وأنَّ الاستثناءَ فيها قليلٌ، وقد صرَّحَتِ الآبة بعدَ ذلك بقولِهِ تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢].
والزِّينة؛ كلُّ لِباسٍ اجتمَعَ فيه أمرانِ: سَتْرُ البدنِ أو عضوٍ منه، وأنْ يكونَ اللِّباسُ حسَنًا: أمَّا سَترُ البدنِ أو عضوٍ منه: فلا يدخُلُ فيه الزينةُ التي لا تستُرُ، فليسَتْ ملبوسًا لبَدَنِ ولا لعضوٍ منه؛ كالكُحْلِ والخِضَاب ومِكْياجِ المرأةِ وحُلِيِّها، ولا يدخُلُ فيه ما لا يستُرُ البدنَ ولا عضوًا منه؛ كالخاتمِ؛ فهذا غيرُ مقصودِ مِن الزِّينةِ.
ويُسْتَحَبُّ ما ستَرَ البدنَ أو أكثَرَهُ، كالإزَارِ والرِّدَاءِ والقميصِ والثوب، أو عضوًا منه؛ كالعِمَامةِ والنعلَيْن، ورُوِيَ عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ ﷺ، أنه قال ذاتَ يومٍ؛ (خُذُوا زِينَةَ الصَّلَاةِ)، قيل: وَمَا زِينَةُ الصَّلَاةِ؟ قال:(الْبَسُوا نِعَالَكُمْ، فَصَلُّوا فِيهَا)(١).
وأمَّا حُسْنُ اللِّباسِ: فلا يدخُلُ فيه قبيحُ اللِّباسِ ولو غلا ثمنُهُ، ولا اللِّباسُ الحرامُ؛ كالحريرِ للرَّجُلِ وجلودِ الخِنْزيرِ والكلابِ وما دَلَّ الدليلُ على تحريمِه؛ لأنَّ المحرَّمَ لا يُسمِّيهِ الشارعُ لباسًا بإطلاقٍ إلَّا مع تقيِيدِ تحريمِه، فضلًا عن تسميتِهِ زِينةً.
وأمَّا إزالةُ النجاسةِ والرِّيحِ الخبيثةِ مِن البدنِ والثوب، فذلك ممَّا يدُلُّ عليه مفهومُ الآية، لا منطوقُها؛ لأنَّ لازمَ الزِّينةِ إزالةُ الخبيث، والزِّينةُ تُتَّخَذُ، وخبيث الرائحةِ يُرفَع ويُزالُ، وذلك عكسُ الاتِّخاذِ.