افتِراءً عليه؛ قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾، وقد رَوَى أحمدُ وابنُ جريرٍ؛ مِن حديثِ أبي الأحوَص، عن أبيهِ؛ قال: أتيتُ رسولَ اللهِ ﷺ، فقال: (هَلْ تُنْتَجُ إِبِلُ قَوْمِكَ صِحَاحًا آذَانُهَا، فَتَعْمِدُ إِلَى مُوسَى فَتَقْطَعُ آذَانَهَا، فَتَقُولُ: هَذِهِ بُحُرٌ، وَتَشُقُّهَا، أَو تَشُقُّ جُلُودَهَا، وَتَقُولُ: هَذِهِ صُرُمٌ، وَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِكَ؟ )، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (فَإِنَّ مَا آتَاكَ اللهُ ﷿ لَكَ، وَسَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ، وَمُوسَى اللهِ أَحَدٌّ) (١).
وإنَّما ذكَرَ اللهُ العَقلَ في قولِه: ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾؛ إشعارًا بأنَّهم إنْ حُرِمُوا النَّقْلَ، فقد حُرِمُوا العقلَ كذلك؛ فإنَّ الإنسانَ يَمتنعُ عن الشيءِ للنقلِ الصحيحِ الصريحِ وللعقلِ الصريح، وهؤلاء جعَلُوا الصُّدَفَ تتحكَّمُ فيهم بلا عِلَّةٍ ثابتةٍ مِن نقلٍ ولا عقلٍ؛ فإنَّ الأُمَمَ لا تشرِّعُ تشريعاتٍ، وتَسُنُّ نُظُمًا، وتَضَعُ قوانينَ، إِلَّا وقد أدرَكَتِ النفعَ والضُّرَّ بالحسِّ إنْ لم يكنْ لدَيْها نقلٌ.
* * *
قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٧) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (١٠٨)﴾ [المائدة: ١٠٦ - ١٠٨].
ذكَرَ اللهُ الوصيَّةَ في مواضعَ مِن كتابِه، منها صريحةٌ في الحُكمِ؛
(١) أخرجه أحمد (١٥٨٨٨) (٣/ ٤٧٣)، والطبري في "تفسيره" (٩/ ٣٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute