للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإسراء: ١]؛ لأنَّ بيتَها في حَرَمِ مَكَّةَ، ولكنْ في "صحيحِ البخاريَّ"؛ أنه أُسرِيَ به - صلى الله عليه وسلم - مِن الحِجْر، قال: (بَيْنَمَا أَنَا فِي الحَطِيمِ - وَرُبَّمَا قَالَ: فِي الحِجْرِ - مُضْطَجِعًا، إِذْ أَتَانِي آتٍ) (١)، وكذلك ففد قال اللهُ عن فحلِ كفارِ قريشٍ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِهِ: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [البقرة: ٢١٧]، وقريشٌ قصَدَتْ إخراحَهُمْ مِن مَكَّةَ، ولم يَقصِدُوا إخراجَهُ مِن مسجدِ الكعبةِ فحَسْبُ، ولو أرادُوا البقاءَ في حَرَمِ مَكَّةَ، لم يأذَنوا لهم ولَقَتَلوهم.

والصلاةُ في حَرَمِ مَكَّةَ كلُه أفضَلُ مِن غيرِهِ بلا خلافٍ، ولكنَّ الخلافَ إنَّما هو في دخولِ جميعِ ما في الحرَمِ مِن المساجدِ والدُّورِ في التضعيف، وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ يَحرِصونَ على الصلاةِ في الحرَم، ففي صُلْحِ الحُدَيْبِيةِ ضرَبَ قُبَّتَهُ في الحِلِّ وكان يُصلِّي في الحرَمِ؛ كما رواهُ أحمدُ في "مسندِهِ"، عن محمَّدِ بنِ إسحاقَ، عنِ الزُّهْريِّ, عن عُرْوةَ، عن المِسوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ ومَرْوَانَ بنِ الحكَمِ؛ قال في حديثٍ طويلٍ: "كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلي فِي الْحَرَم، وَهُوَ مُضْطَرِبٌ فِي الْحِلِّ" (٢).

وسنَدُه صحيحٌ؛ سَمِعه ابنُ إسحاقَ مِن الزُّهْريّ، ومعنى اضطِرابِهِ في الحِلِّ: أنَّ خِيَامَهُ مُقامةٌ فيه؛ وهذا ظاهرُ فعلِ عبد اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاص، ولا مُخالِفَ له مِن الصحابة، وقولُ عطاءٍ، ولا مُخالِفَ له منِ التابِعينَ؛ فقد روى أحمدُ في "مُسنَدِهِ"؛ مِن حديثِ عمرِو بنِ دينار، عن عطاءٍ، عن رجلٍ مِن هُذَيلٍ؛ قال: "رَأيْتُ عبدَ اللهِ بنَ عمرِو بنِ العاصِ وَمَنْرِلُهُ فِي الْحِلِّ، وَمَسْجِدُهُ فِي الْحَرَمِ" (٣).

وفيه جهالةٌ؛ لكنَّه صحيحٌ مِن وجوهٍ، أُخرى، وهذا المكانُ موضعٌ


(١) أخرحه البخاري (٣٨٨٧).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٣٢٥).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>