للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُفرِّقونَ بينَ حلالٍ وحرامٍ؛ ولا بينَ إيمانٍ ولا كفرٍ، فيَفعَلونَ ما يَفعَلونَه في سوقِهم.

ومنها: أنَّ اللهَ جعَل لِزُوَّارِ بيتِه فضلًا ومَنْزِلةً، ويُروى أنَّهم زوَّارُهُ وضُيُوفُهُ وأهلُه، وأنَّها بيوتُ المتَّقينَ، وإذا اعتادَ المشرِكُ، قَصْدَ المسجد، الْتَبَسَ هذا الفضلُ واختلَطَ بمَن لا يَستحِقُّه، وقد صحَّ عندَ عبد الرزَّاق، عن أبي إسحاقَ، عن عمرِو بنِ ميمونٍ الأَوْدِيُّ؛ قال: أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللهِ : (إِنَّ المَسَاجِدَ بُيُوتُ اللهِ فِي الأَرْض، وَإِنَّهُ لَحَقٌّ عَلَى اللهِ أَنْ يُكْرِمَ مَنْ زَارَهُ فِيهَا) (١).

ومَن اعتادَ دخولَ المسجدِ يُشهَدُ له بالإيمانِ؛ وهذا ظاهرُ قولِهِ تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ [التوبة: ١٨] ,ويُروى فيه مِن حديثِ أبي سعيدٍ الخدريُّ؛ قال : (إِذَا رَأيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ المَسْجِدَ، فَاشْهَدُوا لَهُ بِالإِيمَانِ)، ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [التوبة: ١٨]؛ أخرَجَه التِّرْمِذيُّ وغيرُه (٢).

ومنها: أنَّ المساجدَ مختصَّةٌ بحِصْنِها مِن الشَّيْطان، وشهودُ الملائكةِ فيها ليس كغيرِها؛ وذلك لفضل المكانِ وفضلِ عُمَّارِه، وقد قال عبدُ الرحمنِ بن مَعْقِلٍ: "كُنَّا نَتَحَدَّثُ أنَّ المَسْجِدَ حِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ"؛ رواهُ ابن أبي شَيْبةَ (٣).

وقد جعَلَها النبيُّ ملجَأَ المؤمنينَ مِن الشيطانِ؛ كما رُوِيَ عندَ أحمدَ؛ من حديثِ مُعاذِ بنِ جبل؛ أنَّ النَّبيَّ قال: (إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الإِنْسَانِ كَذِئْبِ الْغَنَمِ؛ يَأْخُدُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ؛ فَإِيَّاكمْ وَالشِّعَابَ،


(١) أخرحه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٠٥٨٤).
(٢) أخرحه أحمد (٣/ ٧٦)، والترمذي (٣٠٩٣)، وابن ماجه (٨٠٢).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٤٦١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>