للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفاضُلِ؛ فالطلبُ أفضلُ مِن الدفعِ في الآخِرة، وجهادُ الدفعِ أَوْجَبُ في الدُّنيا؛ وهذه المسألةُ مِن نوادِرِ المسائلِ التي يكونُ فيها النفلُ أَعظَمَ مِن الفرضِ وهما مِن جنسٍ واحدٍ.

وأخَذَ بعضُهم مِن قولِه: ﴿قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا﴾ الإشارةَ إلى عدمِ اشتراطِ النِّيَّةِ في الدفع، فذكَرَ القتالَ فقال: ﴿قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، وما ذَكَرَ سبيلَ اللهِ في الدفع، ولعلَّ الأظهرَ: أنَّ اللهَ ذكَرَ الدفعَ بعدَ المُقاتَلةِ في سبيلِ اللهِ عطفًا عليها، وتقديرُهُ: (أو ادْفَعُوا في سبيلِ اللهِ)؛ ولكنْ حذَفَ: (سبيل اللهِ) دفعًا للتكرارِ.

ولا خلافَ أنَّ جهادَ الدفعِ لا يفتقرُ إلى نِيَّةٍ؛ وإنَّما قصدُ حمايةِ العِرْضِ والدمِ والنفسِ والمالِ كافٍ في ثُبُوتِ الأجرِ؛ ففي "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو ؛ قال: سمِعتُ النبيَّ يقولُ: (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِه، فَهُوَ شَهِيدٌ) (١).

وعندَ أبي داودَ والنَّسَائِيِّ وغيرِهما؛ مِن حديثِ سعيدِ بنِ زيدٍ: (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِه، أَوْ دُونَ دَمِه، أَوْ دُونَ دِينِه، فَهُوَ شَهِيدٌ) (٢).

وأمَّا جهادُ الطلب، فلا يُقبَلُ إلا بنيةٍ، ومَن قاتَلَ بلا نيةٍ، فمِيتَتُهُ جاهليَّةٌ؛ لِما في "الصحيحَيْنِ": (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ) (٣).

* * *


(١) أخرجه البخاري (٢٤٨٠) (٣/ ١٣٦)، ومسلم (١٤١) (١/ ١٢٤).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٧٧٢) (٤/ ٢٤٦)، والترمذي (١٤٢١) (٤/ ٣٠)، والنسائي (٤٠٩٥) (٧/ ١١٦).
(٣) أخرجه البخاري (١٢٣) (١/ ٣٦)، ومسلم (١٩٠٤) (٣/ ١٥١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>