للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا جلودُ ما دَلَّ الدليل على نجاستِه كالكلب والخِنزيرِ، فجمهورُ العلماءِ على تحريمِ الانتِفاعِ بجِلدِه، ولا يَطهُرُ بالدِّباغ، خلافًا لداودَ وسُحْنُونٍ.

وقد خصَّ مالكٌ المنعَ مِن الخِنزيرِ وحدَه، ولم يَرَ تحريمَ الانتفاعِ بجِلدِ الكلبِ، لأنَّه لا يَرى نجاسةَ بدَنِه، ويخُصُّها بلُعابِه.

وأمَّا صوفُ المَيتةِ وشعورُها، فهو حلالٌ، وبهذا قال مالكٌ وأبو حنيفةَ والشافعيُّ في أحدِ أقوالِه.

واستحَبَّ المالكيَّةُ غسْلَها؛ لِما رُوي عن أمِّ سلمةَ عن النبيِّ أنَّه قال: (لَا بَأْسَ بِمَسْكِ المَيْتَةِ إِذَا دُبِغَ، وَلَا بَأْسَ بِصُوفِهَا وَشَعَرِهَا وَقُرُونِهَا إِذَا غُسِلَ بِالمَاءِ).

وقد رواهُ الطبرانيُّ والدارقطنيُّ (١)، ولا يصحُّ؛ ففيه يوسُفُ بن السَّفْرِ، وهو متروكُ الحديثِ.

وقال الشافعيُّ في أحدِ قولَيْهِ بنجاسةِ شَعَرِ المَيتةِ وصُوفِها، وهو الصحيحُ عندَ جماعةٍ مِن أصحابِه.

* * *

* قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ [النحل: ٦].

فيه: أنَّ التجمُّلَ ببهائم الأنعام، وإظهارَ النِّعمةِ بذلك، والاكتِفاءَ عن الخَلقِ: من الأمورِ الجائزة، وفيه أنَّ مِن مَقاصدِ اتِّخاذِ بهائمِ الأنعامِ جَمَالَها في غُدُوِّها ورَوَاحِها، وفيه جوازُ شرائِها وبيعِها لأجْلِ جَمَالِها؛ لظاهرِ الآيةِ، وذلك أنَّ الرجُلَ يُغالي بثمنِ شاةٍ أو جملٍ أو بقرةٍ لِلَونِها


(١) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٢٣/ ٢٥٨)، والدارقطني في "سننه" (١/ ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>