رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرِ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدتَّ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ، فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيِئًا؟ قَالَ عُمَرُ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ أَبُو بَكرٍ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجعَ إليكَ فِيمَا عَرَضْتَ عَلَيَّ، إلَّا أَنِّي كُنْتُ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَوْ تَرَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَبِلْتُهَا" (١).
وفي قولِه تعالى: ﴿عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ﴾ دليلٌ على مشروعيَّةِ المَهْرِ، وأنَّه مِن شرائعِ الأنبياءِ، ومَهْرُ صاحب مَدْيَنَ لِبَنَاتِهِ أنْ يَرْعَى موسى عليه ماشيتَهُ ثمانيَ سِنِينَ، فإنْ تبرَّعَ موسى بزيادةِ سنتَيْنِ فهو إليه، وإلَّا ففي ثمانٍ كفايةٌ.
وقد تقدَّم الكلامُ على المَهرِ وحُكْمِهِ وتفصيلِهِ، وتسميتِهِ وحدِّه وحُكْمِ استردادِه، وذلك مفرَّقًا عندَ قولِه تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ
النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٦]، وعندَ قولِه تعالى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧]؛ وقولِه تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤]، وقولِه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [النساء: ١٩]، وقولِه تعالى: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: ٢٠].
وقد استدَلَّ بعضُ الفقهاءِ بالآيةِ على جوازِ استئجارِ الأجيرِ على الطعامِ والكِسْوةِ؛ وذلك أنَّ موسى استُؤجِرَ على أن يكونَ رعيُهُ وخدمتُهُ
(١) أخرجه البخاري (٥١٢٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute