للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرَارِها، واللَّهُ أمَر الرِّجالَ ولم يَنْهَ النِّسَاءَ عن التكسُّبِ إنِ احتَجْنَ إليه مِن غيرِ تبرُّجٍ ولا اختلاطٍ بالرِّجالِ الأجانبِ.

* * *

* قال تعالى: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: ٢٦].

فيه: جوازُ اتِّخاذِ الخادمِ، وعملُ الرفيعِ جمع مَنْ هو دُونَهُ أو مِثلُهُ في الفضلِ، ومشاورةُ البنتِ لأبيها، وقَبُولُ رأيِها.

وفي هذه الآيةِ: دليلٌ على صحةِ الإجارةِ في الشريعةِ، وهذا محلُّ اتِّفاقِ عندَ الجميعِ، وقد تقدَّم الكلامُ على الفَرقِ ينَ الإِجَارةِ والجِعَالةِ عندَ قوله تعالى في سورةِ يُوسُفَ: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ﴾ [٧٢].

وفي قوله تعالى: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ بيانٌ لأركانِ وشروطِ مَن يصلُحُ للأمانةِ والوِلَايةِ على الأموالِ، وقد تقدَّمَ هذا عندَ قولِه تعالى في سورةِ يوسُفَ: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [٥٥].

وتتضمَّنُ الآيةُ ما تقدَّمَ مِن إيجابِ الكسبِ على الرجالِ، وأنَّ الرجُلَ إنْ عَجَزَ عن الكسب لبَناتِهِ وقدَرَ على استئجارِ مَن يَكْفِيهِنَّ المؤونةَ، وجَبَ عليه، ما لمَ يكن فقيرًا أو لم يَجِدْ مَن يأتمِنُهُ على أهلِه، فيُعذَرُ؛ لأنَّ استئجارَ صاحبِ مَدْيَنَ لموسى: يَكفي بناتِهِ مِن الخروجِ إلى مواضعَ يَلْزَمُ منها خِلْطَةٌ بالرِّجَالِ كوُرُودِ الماءِ وشِبْهِه، وطلبُ بناتِ صاحبِ مَدْيَنَ جَرى على الفِظرةِ الصحيحةِ التي فُطِرَ عليها البشرُ.

ولمَّا استأجَرَهُ صاحبُ مَدْيَنَ مع ما رأى فيه مِن ديانةٍ وأمانةٍ، عرَضَ عليه الزواجَ مِن إحدى بناتِهِ مقابِلَ عملِهِ معه ثمانيَ سنينَ مَهرًا لها؛ حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>