للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تماثُلِ ديةِ الأُنثى والذَّكَرِ؛ فهذا لجهلٍ بالإسلامِ؛ فالديةُ عِوَضٌ لأهلِ القتيلِ؛ لأنَّ للرجلِ منفعةً ماليةً مفقودةً بفَقْدِهِ؛ لأنَّ اللهَ فَرَضَ على الرجلِ النففةَ والسُّكْنى والكِسْوةَ لِمَن وَليَهُ مِن النِّساء، سواءٌ كانتْ زوجةً أو أُمًّا، أو بنتًا أو أختًا، ولا يحبُ على واحدةٍ منهنَّ في الإسلامِ التكسُّبُ، بل لو كانتِ المرأةُ غنيَّةً، لا يَحِبْ عليها أنْ تُنفِقَ على زوجِها الفقيرِ القادرِ على التكسُّب، بل لا يجبُ عليها أن تُنفِقَ على نفسِها كذلك، بل يجبُ على وليِّها، ما لم تَطِبْ نفسُها بذلك، ولو كانَتْ قادرةً على العملِ، لم يجبْ عليها التكسُّب عندَ فقرِ زوجِها، ويجبُ على الحاكمِ أن يُنفِقَ على المرأةِ التي لا عائِلَ لها ولو كانَتْ قادِرةً على العملِ إنْ كانَتْ لا تُرِيدُ العملَ راغبةً.

فاللهُ أسقَطَ عنها جانبًا في الأموالِ، وأسقَطَ مِن أحكامِها ما يُؤثِّرُ في هذا الانتظامِ؛ كالميراثِ؛ فلها نِصْفُ ميراثِ الذَّكَرِ؛ لأنَّ تكاليفَ الذَّكَرِ الماليةَ أعظَمُ، وأسقَطَ نِصْفَ دِيَتِها؛ لأن أثَرَها الماليَّ على أهلِها أضعَفُ، وهذا التبايُن تبايُن في منافعِ الأموالِ، لا تَساوِي النفوسِ؛ فلأولياءِ الجنسَيْنِ طلَبُ القِصَاصِ مِن القاتلِ العَمْدِ، ويُقتَلُ، ولا فَرْقَ بينَهما.

وإنَّما يُؤتَى بعضُ الجَهَلَةِ بالنَّظَرِ إلى طرَفٍ مِن أحكامِ الإسلامِ التي لا تُفهَمُ إلَّا بفَهْمِ أبوابِها؛ فالديةُ تَتَّصِلُ بأبوابِ الأموالِ ومنظومتِها، ولا تُفهَمُ إلا بفَهْمِها وفهمِ جِهاتِها المتَّصِلةِ بها؛ فهي ليسَت عِوَضًا عنِ النَّفْسِ، ولا تتَّصِلُ بحقِّ المقتولِ، بل بأهلِه، فاللهُ جعَلَ النفوسَ متساويةً في التعظيمِ؛ كما في قولِه: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢]، وفي قولِه:

<<  <  ج: ص:  >  >>