للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالكلامِ مع كلمةِ الحَلِفِ والقَسَمِ: أنَّه معتبَرُ التأثيرِ في اليمينِ، وما لم يتَّصِلْ بالكلامِ اختُلِفَ فيه:

فمنهم مَن قال: يُعتبَرُ بالاستثناءِ ما دام في المَجْلِسِ؛ وبهذا قال طاوسٌ والحسنُ.

وقال عطاءٌ والشَّعْبيُّ والنخَعيُّ: إنَّه لا يصحُّ إلَّا موصولًا بالكلام، ولا يَضُرُّ فصلُ النَّفَس، وإذا انفصَلَ الحديثُ في أمرٍ آخَرَ ولو اتَّحَدَ المجلِسُ، فلا اعتبارَ بالاستثناءِ؛ وهذا قولُ جمهورِ العلماءِ؛ كمالكٍ والشافعيِّ والأوزاعيِّ.

وعن أحمدَ: أنَّه ما دام في ذلك الأمر، ولم يتحوَّلْ إلى حديثٍ غيرِه، فإنَّ الاستثناءَ صحيحٌ، وظاهرُهُ: أنَّه إنِ انتقَلَ إلى حديثِ آخَرَ ولو اتَّحَدَ المجلسُ، فإنَّ الاستثناءَ لا يصحُّ.

وأمّا الاستثناء المنفصِلُ: فعامَّتُهم على عدمِ اعتبارِه.

وروى مجاهدٌ، عن ابنِ عبَّاسٍ، في الرجُلِ يَحلِفُ؛ قال: "له أن يَستثنيَ ولو إلى سَنَةٍ، وكان يقولُ: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ " (١).

وبنحوِه قال أبو العاليةِ رُفَيعُ بن مِهْرانَ والحسنُ؛ فقد روى الربيِعُ عن أبي العاليةِ؛ في قولِه: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ الاستثناءَ، ثمَّ ذكَرْتَ فاستَثنِ (٢).

ونحوُهُ عن الحسنِ؛ رواهُ الطبريُّ (٣).

حمَلَ بعضُ الفقهاءِ ذلك: على أنَّ الاستثناءَ المنفصِلَ معَتبرٌ في إسقاطِ الكفَّارةِ ولو طال الزمنُ، ولعلَّ ما رُوِيَ في ذلك عن ابنِ عبَّاسٍ: أنَّ الاستثناءَ -ولو انفصَلَ- يصحُّ إلحاقُهُ بالكلامِ الأولِ ولو طال الفصلُ


(١) "تفسير الطبري" (١٥/ ٢٢٥).
(٢) "تفسير الطبري" (١٥/ ٢٢٥).
(٣) "تفسير الطبري" (١٥/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>