والمصلِّينَ، ومِثلُ هذا الحُكْم في تتبُّعِ المأمومِ لِسَكَتاتِ الإمامِ عملٌ دقيقٌ لا يَعلَمُهُ كلُّ أحدٍ، ويجبُ ألَّا يُترَكَ بيانُه.
وما جاء في بعصِ الآثارِ والأحايثِ مِن القراءةِ خلفَ الإمامِ إذا أنصَتَ، والسكوتِ إذا قرَأَ، يحمِلُهُ بعضُهم على القراءةِ حالَ سَكَتاتِ الإمام، والمقصودُ منه التفريقُ بينَ الصلاةِ الجَهْريَّةِ والسرِّيَّة، وركَعاتِ الجهرِ والسرِّ مِن العِشَاءِ والمَغْربِ.
وقد جاءَ سكوتُ الإمامِ عن بعضِ التابعينَ؛ كسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ ومكحولٍ وأبي سلمةَ بنِ عبد الرحمنِ وعُرْوةَ وعطاءٍ.
وبقراءةِ المأمومِ الفاتحةَ في سكَتاتِ الإمامِ قال الشافعيُّ كما نقَلَهُ عنه البُوَيْطِيُّ.
فأمَّا كلامُ سعيدِ بنِ جُبيرٍ، فتقدَّمَ، وابنُ خُثَيْمٍ متكلَّمٌ فيه معِ صدقِه، ولم يُحدِّثْ عنه يحيى وعبدُ الرحمن، ومَنْ هم أوثَقُ مِن ابنِ خُثَيْمٍ يَرْوُونَ عن سعيدٍ عدمَ القراءةِ خلفَ الإمامِ؛ كما رواهُ هُشَيْمٌ، عن أبي بشرٍ، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَام، قَالَ:"لَيْسَ خَلْفَ الْإمَامِ قِرَاءَةٌ"؛ رواهُ ابنُ أبي شيبةَ (١).
وهُشَيْمٌ بصيرٌ بالموقوفات، وهذا السَّنَدُ على شرطِ الشيخَيْنِ.
ثم إنَّ قولَ سعيدٍ السابقَ لم يَنسُبْهُ لأحدٍ مِن السلف، وربَّما قصَدَ كبارَ التابعينَ؛ فسعيدٌ ليس مِن طبقةِ التابعينَ المتقدِّمةِ.