للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقد رواهُ النَّسَائيُّ مِن حديثِ خالدِ بنِ أبي عِمْرانَ، عن عُرْوةَ، عن عائشةَ، ورواهُ مِن حديثِ مسلمِ وداودَ بنِ قيسٍ، عن نافعِ بنِ جُبَيْرٍ، عن أبيهِ؛ له (١)، وفي النَّفْسِ منه شيءٌ، ومِثْلُ هذا لو كان مه في كلِّ مَجلِس، لَنُقِلَ بأصحِّ الأسانيدِ؛ فقولُهُ: (مَا جَلَسَ مَجْلِسًا قَطُّ، وَلَا تَلَا قُرْآنًا، وَلَا صَلَّى صَلَاةً، إِلَّا خَتَمَ ذَلِكَ بِكَلِمَاتٍ) هذا تعميمٌ مُنكَّرٌ، ولا يستقيمُ هذا التعميمُ في التشريعِ إلَّا لِما صحَّ سندُهُ بأَقْوَى مِن هذا واستفاضَ واشتهَرَ مِن طُرُقٍ كثيرةٍ، وقد نُقِلَ عن النبيِّ مِن أذكارِ الصلاةِ وفي مجلسِهِ أدكارٌ لا يُداوِمُ عليها جاءت بأسانيدَ أقوى وطُرُقِ أشهَرَ مِن ذلك؛ فكيف بذِكْرٍ يقولُهُ ويَلزَمُهُ بكلِّ حالٍ؟ !

وفي التِّرْمِذيِّ؛ مِن حديثِ ابنِ عمرَ؛ قال: "قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ يَقُومُ مِن مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ: اللَّهُمَّ، اقْسِمْ لنَا مِنْ خشْيَتِكَ. . ." الحديثَ (٢)، ولا يصحُّ.

واستحَبَّ بعضُ الفقهاءِ قراءةَ الفاتحةِ عدَ خَتْمِ المَجلِس، وليس له أصلٌ؛ لا في مرفوعٍ صحيحٍ ولا موقوفٍ؛ وإنَّما الواردُ في ذلك ختمُها بقراءةِ سور العَصْرِ؛ كما رواهُ أبو داودَ في "الزُّهدِ"، والطبرانيُّ، والبيهقيُّ؛ مِن حديثِ حمَّادِ بنِ سلَمةَ، عن ثابتٍ، عن أبي مدينةَ الدارميّ، قال: "كَانَ الرَّجُلَانِ مِنْ أَصْحَاب مُحَمَّدٍ إِذَا الْتَقَيَا، ثُمَّ أَرَادَا أنْ يَفتَرِقَا، قَرَأَ أَحَدُهُمَا: ﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: ١ - ٢] حَتَّى بَخْتِمَهَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ" (٣).

ولا يُعرَفُ إلَّا مِن حديثِ حمَّادٍ عن ثابتٍ، ولا يَظهَرُ أنه عمَلُ


(١) أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (١٠١٨٥).
(٢) أخرجه الترمذي (٣٥٠٢).
(٣) أخرجه أبو داود في "الزهد" (٤٠٢)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (٥١٢٤)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٨٦٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>