للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للشافعيِّ قديمٌ، وبه يقولُ بعضُ أهلِ الحديثِ؛ كأبن أبي شَيْبةَ، ويحيى بنِ يحيى النَّيْسابوريِّ.

وقيل: بعدمِ طهارتها.

وفرَّق قومٌ بينَ نجاسةِ البولِ ونجاسةِ العَذِرَةِ بأنَّ البولَ يطهُرُ بالدَّلكِ بخلافِ العَذِرَةِ.

وظاهرُ الأحاديثِ: أنَّ الدَّلْكَ وطولَ المشي يَكفِيها في تطهيرِها، ولم يثبُتْ عن النبيِّ الأمرُ بغَسْلِ النِّعالِ.

والمساجدُ اليومَ ليست كالمساجدِ بالأمسِ؛ ففيها الفُرُشُ الغاليةُ التي يَظْهَرُ فيها أَدْنى وَطْءٍ للنِّعالِ، فضلًا عن النجاساتِ والقاذوراتِ، فتَلزَقُ بها ويَبقى أثرُ عينِها ورائحتُها فيها، وينبغي صيانتها عن النِّعالِ طاهرةً وغيرَ طاهرةٍ، ما لم تكنِ النِّعالُ تُلبَسُ للمسجدِ خاصَّةً، وقد كان يفعلُ ذلك بعضُ السلفِ؛ يَجعلونَ للمسجدِ نعالًا خاصَّةً به؛ كما روى مروانُ بنُ الأصفرِ؛ قال: رأيتُ طاوُسًا يأتي المسجدَ، فإذا بلَغَ البابَ، نزَعَ نعلَيْهِ، وأخرَجَ نعلًا له أُخرى، فلَبِسَها ودخَلَ (١).

وإذا كان المصلِّي مِن أهلِ الحاجةِ والضرورةِ، فيتعاهدُ نَعْلَهُ، ويتحرَّى في مَوْطِئِه، ويدخُلُ ولا حرَجَ عليه، ولا ينبغي المساواةُ بين هيئةِ المساحِدِ التي كان السلفُ يُصَلُّونَ فيها بنِعَالِهم وببنَ أكثرِ المساجدِ اليومَ التي تُفرَشُ وتُبلَّطُ بالرخامِ.

والبَلَاطُ أشدُّ مِن التُّرابِ، فينيغي صيانةُ المساجدِ التي فيها بلاطٌ أكثَرَ مِن المساجدِ التي فيها ترابٌ؛ وذلك لأنَّ الترابَ يُوطَأُ وينقلِبُ ويكونُ أعلاهُ أسفلَهُ وتُدفَنُ فيه القذاراتُ، بخلافِ البلاطِ فتَبْقَى على


(١) أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (١٤٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>