للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"المسندِ" و"سنن أبي داود"، عن ابنِ عباسٍ، عن النبيِّ في الذي يأتي امرأتَهُ وهي حائضٌ: يتصدَّقُ بدينارٍ أو نصفِ دينارٍ (١).

وهذا الحديثُ صحَّحَهُ أحمدُ فيما نقَلَهُ أبو داودَ عنه.

والذين قالوا بالصدقةِ اختَلَفُوا في مقدارِها:

فمنهم: مَن أطلَقَ، ولم يُعيِّنْ.

ومنهم: مَن خيَّرَ بِينَ الدينارِ ونصفِ الدينارِ.

ومنهم: مَن جعَل في الجماعِ زمنَ الدمِ الشديدِ دينارًا، وزمنَ الدمِ الخفيفِ كالأصفرِ نصفَ دينارٍ؛ وهذا إنَّما قالوه للتخييرِ أو الشكِّ في الحديثِ.

ورُوِيَ في ذلك أقوالٌ لا يعضُدُها خبرٌ ولا قياسٌ صحيحٌ؛ كالقولِ بأنَّ الكفارةَ بَدَنَةٌ؛ وهو مرويٌّ عن سعيدٍ، وكالقولِ بأنَّ الكفارةَ ككَفَّارةِ المُجامِعِ في نهارِ رمضانَ.

وحديثُ ابنِ عباسٍ جاء موقوفًا ومرفوعًا، وموصولًا ومرسَلًا؛ والصوابُ فيه الوقفُ.

والأظهرُ: عدَمُ وجوبِ الكفَّارةِ، وإنَّما كان السلفُ يَحُثُّونَ على الصدقةِ مع التوبةِ؛ لأنَّ الصدقةَ ثَبَتَ في الخبرِ مَحْوُها للذنوبِ، وأثرُها في التكفيرِ عظيمٌ، ولا يعني ذلك اختصاصَ الصدقةِ بالجِمَاعِ للحائضِ، كاختصاصِ كفَّارةِ الظِّهَارِ للمظاهِرِ، وكفَّارةِ اليمينِ للحانِثِ.

والتخييرُ في الحديثِ قرينةٌ على ذلك، والصَّدَقةُ مستحبَّةٌ في كلِّ حينٍ، ومع كلِّ ذنبٍ، وهي عندَ المغلَّظاتِ آكَدُ.


(١) أخرجه أحمد (٢١٢١) (١/ ٢٣٧)، وأبو داود (٢٦٤) (١/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>