- وإمَّا أَنْ يُبدِّلَ طريقَهُ ويتنازَلَ عن رسالتِه، فيُغيِّرَهُ كلهُ أو بعضَهُ بحسَبِ ثباتِهِ ويقينِهِ بما معه؛ لأنَّه يظُنُّ أن عدمَ وصولِه إلى النصرِ بسبب شائبةٍ في الحقِّ الذي معه، فيتنازَلُ عن بعضهِ أو يتركُهُ كلَّه؛ وأكثرُ المُنتكِسِينَ عن الحقِّ طلَبُوا النصرَ بلا صبرٍ.
- وإمَّا أن يَستعجِلَ السيرَ بما معه مِن حقٍّ كاملٍ فيَتخِذَ أسبابًا لا تُؤخَذُ، كما لو استعجَلَ أهلُ مكَّةَ قتالَ قريش وهم بمَكةَ، ولكنَّ اللهَ عصَمَهُم بالنبيِّ ﷺ وما معه مِن الوحي، ومن استعجَلُوا السيرَ بما معهم مِن حقٍّ كاملٍ: يُعْمِيهِم كمالُ الحقِّ الذي معهم عن سبيلِ السلامةِ لوصولِه، فيَنهزِمُون وَيفتِنُون عدوهم وَيفتِنونَ أتْبَاعَهم؛ كما قال تعالى: ﴿فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس: ٨٥]، وقال: ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الممتحنة: ٥]؛ يعني: لا تَهزمنَا بأيدِيهِم فيُفتَنُوا بهزيمتنا؛ فيظُنُّوا أنهم على الحقِّ؛ كما جاء عن ابنِ عباسٍ ومجاهدٍ وغيرِهما (١).
وهزيمةُ أهلِ الحقِّ فتنةٌ لأهلِ الباطلِ ومن في قلبِهِ مرضٌ مِن أهلِ الحقِّ، وهذه الفتنةُ يجبُ دفعها بدفعِ أسبابِها:
ومنها: عدمُ الإقدامِ في زمنِ الضعفِ، وتركِ الإعدادِ والقتالِ في زمنِ القوةِ.