للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى عنهما - قالا: قال رسولُ اللهِ : (إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ في سَفَرٍ، فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ) (١).

والصوابُ في هذا الحديثِ: الإرسالُ مِن حديثِ ابنِ عَجْلانَ، عن نافعٍ، عن أبي سلمةَ؛ مرسَلًا (٢)، وقد رجّح الإرسالَ فيه أبو حاتمٍ وأبو زُرْعةَ (٣).

ويجوزُ على القومِ في السفرِ وغيرِهم: أنْ يغيِّرُوا الأميرَ بلا طُرُوءِ مفسدةٍ فيما بينَهم، ولو في أثناءِ طريقِهم؛ فقد روى عبدُ الرزَّاقِ في "مصنَّفِهِ"، عن عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ؛ قال: لقِيَ عمرُ بنُ الخطابِ رَكْبًا يُريدونَ البيتَ، فقال: "مَن أنتُم؟ "، فأجابَهُ أحدثُهم سنًّا، فقال: عبادُ اللهِ المسلِمونَ، قال: "مِن أينَ جئتُم؟ "، قال: مِن الفَجِّ العميقِ، قال "أين تُريدونَ؟ "، قال: البيتَ العتيقَ، قال عمرُ: تأوَّلَها لَعَمْرُ اللهِ! فقال عمرُ: "مَن أميرُكم؟ "، فأشارَ إلى شيخ منهم، فقال عمرُ: "بل أنتَ أميرُهم"؛ لأحدَثِهم سِنًّا الذي أجابَهُ بجيِّدٍ (٤).

وقد اختلَفَ العلماءُ في التأميرِ في السفرِ، مع اتِّفاقِهم على مشروعيَّتِه:

فذهَبَ إلى الوجوبِ جماعةٌ؛ كابنِ تَيْمِيَّةَ (٥).

وذهَبَ آخَرونَ إلى الاستحبابِ؛ كابنِ خُزَيْمَةَ (٦).

والتأميرُ إذا كثُرَ الناسُ، كان أوجَبَ وآكَدَ؛ لأنَّهم أقرَبُ إلى الفُرْقةِ والاختلافِ، وإذا قلُّوا - كسفرِ الاثنَيْنِ - كان الأمرُ أخفَّ وأهوَنَ.


(١) أخرجه أبو داود (٢٦٠٨) (٣/ ٣٦).
(٢) "علل الدارقطني" (٩/ ٣٢٧).
(٣) "علل ابن أبي حاتم" (٢/ ٧٦).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٣٨١٣) (٢/ ٣٩٠).
(٥) "مجموع الفتاوى" (٢٨/ ٦٥).
(٦) "صحيح ابن خزيمة" (٤/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>