وقد ذكَرَ اللهُ في هذه السورةِ ما ذُبِحَ لغيرِ اللهِ؛ للأصنامِ والطَّواغيت، وفي سورةِ الأنعامِ مزيدُ تفصيلٍ في حُكمِ ما تُرِكَ فيه ذِكْرُ اسمِ الله، فلا يُذبَحُ لغيرِ اللهِ! وإنَّما تُرِكَتِ التسميةُ فيه نسيانًا أو عمدًا مِن غيرِ قصدِ غيرِ الله، وذلك في قولِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾. [الأنعام: ١٢١].
فمنهم: مَن حمَلَ المرادَ بها على معنى الإهلالِ لغيرِ اللهِ؛ كما في آيةِ البقرةِ: ﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ [١٧٣]، وآيةِ المائدةِ هذه، وآيةِ الأنعامِ الأخرى، وآيةِ النحلِ: ﴿أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [المائدة: ٣، والأنعام: ١٤٥، والنحل: ١١٥]، فجعَلَ المرادَ بعدم ذكرِ الاسمِ في سورة الأنعام، أي: ذكرَ عليها اسمَ غيرِه؛ لأن العربَ لا تذكُرُ اسمَ الله، فتذكُرُ على ذبائحِها اسمَ غيرِه، فعلَّقَ التحريمَ بعدمِ ذِكرِ اسمِ الله، لمعرفةِ الحالِ التي كان عليها التحريمُ.
ومنهم؛ مَن جعَلَ التحريمَ لمجرَّدِ تَرْكِ ذِكْرِ اسمِ الله ولو نسيانًا أو عمدًا ولو لم يكنْ قاصدًا غيرَ اللهِ.
والصحيحُ الأولُ.
الخامس: المُنخَنِقَةُ: وهي التي تموتُ بخَنْقِها وحبسِ نَفَسِها، بفعلِ فاعلٍ بها، أو بفِعْلِها بنفِسها؛ كاستدارتها على حبلٍ يَخنقُها، فهي محرَّمةٌ بلا خلافٍ.
السادسُ: المَوقُوذَةُ: وهي التي تموتُ بشيءٍ ثقيلٍ غيرِ محدَّدٍ كالسَّيْفِ والرُّمْحِ والسهمِ؛ فتموت بالثِّقلِ؛ كرَمْيها بحَجَرٍ أو لوحِ خشبٍ أو عصًا أو سقوطِ السقفِ عليها، فتموتُ بلا ذبحٍ، وإن خرَجَ مها دمٌ يسيرٌ، فهي وقيذٌ؛ وبهذا جاء تفسيرُهُ في الحديثِ كما في "الصحيحينِ"؛ من حديثِ عَدِيِّ بنِ حاتمٍ؛ قال: سألتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنِ المِعْرَاضِ؟ فقَال: