للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو: "لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلَا مُتفَحِّشًا" (١)، وفي "السُّنَنِ": (إِنَّ اللهَ لَيُبغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ) (٢).

ومَن وجَدَ مِن امرأتِهِ فُحْشًا وبذاءةً في القول، جازَ له أنْ يُضَارَّها؛ حتى تَختلِعَ وتَفتدِيَ نفسَها بمالِها، وأمَّا الزِّنى، فجعَلَ اللهُ للزوجِ اللِّعانَ إنْ شاء، أو الطلاقَ بلا لِعانٍ لو أراد، خلافًا لأبي قلابةَ في قولِه: "إنَّ للزوجِ الإضرارَ مع فاحشةِ الزِّنى لِتفتديَ نفسَها".

وقولُه: تعالى: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} قيَّدَ الفاحشةَ بالبيِّنةِ؛ إشارةً إلى حُرْمةِ الأخذِ بالشكِّ والرِّيبة وسُوءِ الظنِّ؛ فإنَّ ذلك مِن المحرَّمات، ولا يجوزُ أخذُ المالِ إلا ببيِّنةٍ؛ لأنَّ مهرَها حقٌّ لها؛ فلا يجوزُ أخذُه بغيرِ حقٍّ وبيِّنةٍ.

* * *

قال تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: ٢٠ - ٢١].

الأصلُ في الطلاقِ: المشروعيَّة بالاتِّفاق، وفي الآيةِ: إشارةٌ إلى أنَّ الأصلَ فيه الإباحةُ، وقد يخرُجُ عنها بحسَبِ عوارضِهِ وأحوالِهِ وآثارِه؛ وهذا على قولِ أكثَرِ العلماء، خلافًا لأبي حنيفةَ، فهو يرَى أنَّ الأصلَ فيه الحظرُ مع استقامةِ الحال، وقد يُباحُ ويُكرَهُ بل ويجبُ؛ وهذا القولُ الثاني روايةٌ عن أحمدَ.


(١) أخرجه البخاري (٣٥٥٩) (٤/ ١٨٩)، ومسلم (٢٣١١) (٤/ ١٨١٠).
(٢) أخرجه الترمذي (٢٠٠٢) (٤/ ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>