للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: ﴿الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا﴾، ولم يقُلْ: "في بيتِ العزيزِ"؛ إشارةً إلى أنَّ المرأةَ سيِّدةٌ في بيتِها، ولمَّا ذكَرَ اللهُ العزيزَ، قال: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ [يوسف: ٢٥]؛ يعني: أنَّ المرأةَ سيَّدةٌ في بيتِها، والزوجَ سيِّدٌ على زوجتِه؛ كما جاء في حديثِ أبي هريرةَ عندَ ابنِ السُّنِّيِّ (١): "وإذا حضَرَتْ سيادةُ الزوج، غابتْ سيادةُ المرأةِ"، كما يأتي في الآيةِ التاليةِ.

* * *

قال تعالى: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَو عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٢٥].

في قولهِ تعالى: ﴿سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾؛ يعني: زَوْجَها، قال: "سيِّدَها"، ولم يقُل: "سيِّدَ مصرَ"؛ لأنَّ السِّياقَ سياقُ خصومةٍ ونِزاعٍ، وهو وزوجتُهُ طرَفٌ فيه، فلا ينبغي حضورُهُ في باسمِ عزيزِ مصرَ وسيِّدِها؛ حتى يتمَّ العدلُ فلا يُبخَسَ حقُّ الأضعَف، ولكنْ لم يقَعْ ذلك؛ فحضَرَ في الأمرِ باسمِ سيِّدِ مصرَ ومكانتِهِ فيها، فظُلِمَ يوسُفُ ، والواجبُ عندَ التقاضي والخصوماتِ: أنْ تُنزَعَ الألقابُ.

وفي قوله تعالى: ﴿سَيِّدَهَا﴾ إشارةٌ إلى سيادةِ الزوجِ على امرأتِه، وسيادتِها على بيتِه، فبعدَما قال في الآيةِ السابقةِ: ﴿هُوَ فِي بَيْتِهَا﴾ [يوسف: ٢٣]، فنسَبَ البيتَ إليها، فلمَّا جاءَ زوجُها، قال: ﴿سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾، وفي هذا إنكارُ ما أُخِذَ مِن عادةِ الغَرْبِ اليومَ مِن تسميةِ نساءِ المُلُوكِ بسيِّدةِ الدَّوْلةِ والبلدِ؛ فإنَّ اللهَ جعَلَ امرأةَ العزيزِ سيِّدةَ بيتِها


(١) سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>