للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرَّق بعضُهم بينَ حديثِ ابنِ عُمرَ وحديثِ ابنِ مسعودٍ؛ فجَعلَ حديثَ ابنِ عمرَ في قصاءِ الطائفتَيْنِ لأنفُسِهم جميعًا، وكأنَّ الإمامَ يَحرُسُهُم وحدَه، وجعَلَ حديثَ ابنِ مسعودٍ في قضاءِ كلِّ طائفةٍ وحدَها للركعةِ التي فاتَتْها، وذهَبَ إلى حديثِ ابنِ مسعودٍ الكوفيُّونَ.

ولا يَظهَرُ صراحةً قضاءُ الطائفتَيْنِ جميعًا في وقتٍ واحدٍ في حديثِ ابنِ عُمرَ؛ وهذا لا يتَّفِقُ مع الحِكْمةِ مِن مشروعيَّةِ صلاةِ الخوفِ والعدوُّ مِن خَلْفِهم، والأظهَرُ حملُ حديثِ ابنِ عُمرَ على حديثِ ابنِ مسعودٍ وغيرِه ممَّا سبَق ذِكرُه، واللهُ أعلَمُ.

الثالثةُ: كسابقتِها إلَّا أنَّ كل طائفةٍ تُصلِّي مع الإمامِ ركعةً واحدةً بلا قضاءٍ للفائتة، فهي للجماعةِ ركعةٌ، وللإمامِ ركعتانِ.

وهذا صحَّ مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ؛ أخرَجَه النَّسائيُّ (١)، ومِن حديثِ حذيفة؛ أخرَجَه أحمدُ وأبو داودَ والنَّسائيُّ (٢).

وجاء مِن حديثِ زيدٍ مرفوعًا مِثلُه؛ أخرَجَه عبدُ الرزَّاقِ والطَّحاويُّ وغيرُهما (٣).

وهذه الصفاتُ الثلاثُ تُغلَّبُ في حالِ كونِ العدوِّ في ظهرِ المُسلِمينَ وهم يَحتاجونَ إلى حمايةِ أظهُرِهم، لا إلى وُجوهِهم.

وهذه الصفةُ الثَّالثةُ، ربَّما يُحتاجُ إليها عندَ حاجةِ الطائفتَيْنِ للوقتِ؛ إمَّا لقُرْبِ العدوِّ أو لشدَّةِ الحذَرِ منه، وقد روى غيرُ واحدٍ مِنَ السَّلفِ أنَّ صلاةَ الخوفِ ركعةٌ واحدةٌ؛ رواة مجاهدٌ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ؛ أخرَجَهُ مسلمٌ (٤).


(١) أخرجه النسائي (١٥٣٣) (٣/ ١٦٩).
(٢) أخرجه أحمد (٢٣٣٥٢) (٥/ ٣٩)، وأبو داود (١٢٤٦) (٢/ ١٦)، والنسائي (١٥٣٠) (٣/ ١٦٨).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٤٢٥٠) (٢/ ٥١٠)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٣١٠).
(٤) أخرجه مسلم (٦٨٧) (١/ ٤٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>