للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وكَّلَ النبيُّ حَكيمَ بنَ حِزَامِ في شِرَاءِ شاةٍ (١)، ووكَّلَ النَّبيُّ - كما في حديثِ أبي هُرَيْرةَ - في قضاءِ دَيْنِه، كما في "الصحيحِ"؛ فقال: (أعْطُوهُ سنًّا مِثلَ سِنِّهِ) (٢)، وقد وكَّلَ النبيُّ بعضَ الصحابةِ على خَيبرَ، وقد قام عُمرُ وابنهُ بالتوكيلِ في الصَّرف، وتصحُّ الوكالةُ في عقودِ الأَنكِحَة، كما تَصِحُّ في عقودِ البُيوعِ؛ كما وكَّل النبي عَمْرَو بنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ بالعقدِ له على أمِّ حبيبةَ بنت أبي سُفيانَ في الحَبَشة، لمَّا تُوُفِّيَ زَوْجُها عُبيدُ اللهِ بنُ جَحْشٍ بالحبَشةِ وقد هاجرَ بها إليها.

وتَصِحُّ الوكالة في الحدودِ؛ كما في قول النبيِّ : (اغدُ يَا أُنيسُ إلَى امْرأةِ هَذَا، فَإنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا) (٣)، وتجوز الوَكالةُ في كل ما تصحُّ فيه النِّيابةُ، وقد تقدَّمت الإشارة إلى شيء من ذلك في سورة آل عمران عند قوله: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾ [آل عمران: ٧٥].

والآيةُ في جوازِ الوَكَالةِ في القاضي والترافُعِ والخصومات، وبيانِ حرْمَتِها عندَ معرِفةِ ظُلْمِ الموكِّلِ وبَغيِه، وكلُّ مالٍ يُؤخَذُ على وَكَالةٍ في ظلمٍ وخيانةٍ، فهو سُحْتٌ، وفي غيرِ ذلك فالأصلُ الإباحةُ، وقد كان عليٌّ يُوَكَّلُ في خُصومِتهِ عَقِيلَ بنَ أبي طالبٍ وعبدَ اللهِ بنَ جعفرٍ، وكان لا يَحْضُرُها بنَفْسِه، ويقولُ: "إنَّ للخُصُومةِ قُحَمًا يَحْضُرُها الشيطانُ"؛ رواهُ ابنُ أبي شيبةَ والبيهقيُّ (٤).

* * *


(١) أخرجه أبو داود (٣٣٨٦) (٣/ ٢٥٦)، والترمذي (١٢٥٧) (٣/ ٥٥٠).
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٠٦) (٣/ ٩٩).
(٣) أخرجه البخاري (٢٣١٤) (٣/ ١٠٢)، ومسلم (١٦٩٧) (٣/ ١٣٢٤).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢٣١٧٧) (٥/ ٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>