للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا قال ابنُ عبَّاسٍ وابنُ عُمرَ وأنَس وابن المسيَّبِ (١).

وصحَّ عن ابنِ مسعودٍ قولهُ: "لَعَنَ الله الوَاشِمَاتِ وَالمُستَوْشِمَات، وَالنَّامِصَاتِ وَالمُتَنَمِّصَات، وَالمُتفَلِّجَاتِ لِلحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ" (٢).

وصحَّ عَنِ الحسَنِ؛ أن التغييرَ في الآيةِ الوَشمُ (٣).

المعنى الثاني: الفِطْرة والصِّبغَةُ الدِّينية؛ ومِن هذا المعنى قولُهُ تعالى: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾ [البقرة: ١٣٨]؛ يَعْني؛ مِلَّةَ اللهِ وشِرعَهُ وديَنَه.

ورُوِيَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ، ولا يصِحُّ؛ للجهالةِ في إسنادِه، وقال به مجاهِدٌ وعِكرِمةُ والنَّخَعيُّ والحكَمُ وقتادةُ وعطاء الخراساني (٤).

وقد صحَّ عن شَيْبانَ عن قتَادةَ؛ أنَّه قال في هذه الآيةِ: "ما بالُ أقوامٍ جَهَلةٍ يُغيِّرونَ صِبغةَ اللهِ ولَوْنَ اللهِ؟ ! " (٥).

يَعني: صِبْغتَه التي طبَعَ خَلْقَهُ وفَطَرَهم عليها؛ مِن الإقرارِ بوَحْدانيةِ الله، والاتِّباعِ لداعي الفِطْرةِ؛ مِن الحياءِ والعِفَّةِ والستر، والصِّدْقِ وأداءِ الأمانةِ والإحسانِ إلى الناس، وكراهةِ الفُحْشِ والفواحشِ وبُغْضِ الكُفْرِ.

وقوله: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾، المراد بخلقِ اللهِ هنا: ما طُبعَ الناس عليه وفُطِروا عليه؛ كما فُطِروا وخُلِقوا على التَّألُّمِ مِنَ النارِ والحرِّ، فيَتألَّمونَ مِنَ الكفرِ والكذِبِ والفحْش، وكما فُطِروا وخُلِقوا على الفَرَحِ بالرِّيحِ الطيِّبة، والسعادةِ بالمال، والتلذُّذِ بالمأكلِ والمشرَبِ الحسَنِ،


(١) "تفسير الطبري" (٧/ ٤٩٤)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١٠٦٩).
(٢) أخرجه البخاري (٤٨٨٦) (٦/ ١٤٧)، ومسلم (٢١٢٥) (٣/ ١٦٧٨).
(٣) "تفسير الطبري" (٧/ ٥٠١)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١٠٧٠).
(٤) "تفسير الطبري" (٧/ ٤٩٧ - ٥٠٠)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١٠٦٩).
(٥) "تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١٠٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>