للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحيوانِ دمًا، وهي قطعة واحدةٌ متماسِكة تُشبه الحصى لا جوفَ فيها ولا عروقَ تُمسِك الدمَ كاللحمِ.

وقد كانتِ العربُ في الجاهليَّةِ إذا عَطِشت أو جاعَت، تَفْصِدُ البهيمةَ مِن الإبلِ وغيرِها فتَشرب الدمَ منها، وفي ذلك يقولُ الأعشَى:

وَإِيَّاكَ وَالمَيْتَاتِ لَا تَقرَبَنَّهَا ... وَلَا تأخُذَنْ عَظْمًا حَدِيدًا فَتَفْصِدَا

الثالثُ: لحمُ الخِنزيرِ: والخِنزيرُ محرَّمٌ كلُّه، ما اتَّصَلَ بلَحْمِهِ وما انفصَلَ عنه، وذكَرَ اللحمَ؛ لأنه الأغلبُ، وهو المقصودُ، وغيرهُ بالتَّبَعِ؛ كالشحمِ والعَصَب، والعَظْمِ والجِلدِ والظُّفُرِ.

ويدُلُّ على عمومِ التحريمِ لجميعِ أجزاءِ الخِنزِيرِ: أن الشريعةَ حرَّمَتِ اقتناءَه، ففي الحديثِ أن عيسى في آخِرِ الزمانِ يقتُل الخنزِيرَ، ففي "الصحيحين"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه، لَيُوشِكَنَّ أَن يَنْزِلَ فِيكُم ابْنُ مَريَمَ حَكَمًا مُقسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنزيرَ، ويَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لَا يَقبَلَهُ أَحَدٌ" (١).

وقتلُهُ إياه دليلٌ على تحريمِ اقتنائِه، وما حَرُمَ اقتناؤهُ لا يَحِلُّ منه شيءٌ، وإلَّا لجاز اقتناؤه لحِلِّ ما يَحِلُّ منه فقط.

وفي مسلمٍ؛ مِن حديثِ بُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْبِ الأسلَمِيِّ - رضي الله عنه -؛ قال: قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ؛ فكَأنَّمَا صَبَغَ يَدَه في لَحْمِ خنزيرٍ وَدَمِهِ" (٢)؛ وهذا فيه دمٌ وتقبيحٌ لِلَامِسِ الخِنزيرِ باليدِ ولو لم يَطعمهُ أو يَنتفِع به.


(١) أخرجه البخاري (٢٢٢٢) (٣/ ٨٢)، ومسلم (١٥٥) (١/ ١٣٥).
(٢) أخرجه سلم (٢٢٦٠) (٤/ ١٧٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>