الثاني: الاستحباب؛ وهو قولُ الشافعيِّ ومالك في إحدى روايتَيْه.
الثالث: فرقوا بين تركها عمدا وتركِها سهوًا؛ فإنْ تُرِكت عمدًا، لم تَحِل، وإن تُرِكَت سهوا ونسيانا، عُفِيَ عن ذلك؛ وهو قولُ أبي حنيفةَ والثوري ومالكٍ في روايتهِ الأخرى.
والأظهرُ: الاستحباب، والمرادُ بذِكرِ اسم اللهِ: الإهلالُ، وهو علامة على قصدِ الذبحِ للهِ لا لغيرِه، وليس الإهلالَ في ذاتِهِ قصدا كحالِ الإهلالِ في نسُكِ الحجّ، وإنَّما جاء ذِكْرُ اسمِ اللهِ بالأمرِ؛ لأن أهلَ الجاهلية يذكرون غيرَ الله، فأمَرَ اللهُ به؛ ليَظهَرَ قصدُ التوحيدِ؛ كما كانوا يُظهِرونَ قصدَ الشّركِ؛ وهذا ظاهرٌ في آيةِ الأنعامِ في قولِهِ: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ [١١٨]، فذكَرَ الإيمانَ؛ لبيانِ أن المرادَ مخالَفةً نقيضِه، وهو شِرْكُ الذبحِ لغيرِ الله، وهو المرادُ بقولِه تعالى في مواضعَ: ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [المائدة: ٣، والنحل: ١١٥] ﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٧٣].
ثم إن اللهَ أحَل طعامَ أهلِ الكتابِ بعدَ هذه الآية، ولم يَذكُرِ اشتراطَ تَسميَتهم عليها، وقد جاء في "الصحيحِ"؛ مِن حديثِ عائشةَ؛ أن النبي ﷺ سئِلَ: إن قَومَا يَأتُونَنَا بِاللحم لَا نَدرِي أَذَكَرُوا اسمَ اللهِ عَلَيْهِ أَم لَا؟ فَقَالَ:(سَمُّوا اللهَ عَليه، وَكلُوه)(١).
والمعروف مِن فُتيا الصحابةِ؛ كعلي وعائشةَ: أنهم يَمنَعونَ مِن ذبائحِ أهل الكتابِ عندَ سماعِهم يَذكُرونَ اسمَ غيرِ اللهِ عليها، ولم يَشترِطوا سماعَ التسميةِ ولا ذِكرَها، ولا يكاد يُعرَف مَن يُخالِفُهم من الصحابةِ والتابِعين.
ويأتي تفصيل ذلك في سورةِ الأنعامِ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا