للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجزَمَ به الشافعي، وأهلُ الكوفةِ لا يلحقونَهم بأهلِ الكتابِ.

وأمَّا الصَّابِئةُ: فاختلَفَ السلف في ذلك، فلم يُلحِقهم بأهلِ الكتابِ الأكثرُ؛ وهو قولُ ابنِ عبَّاسٍ ومجاهدٍ، واللهُ ذكَرَهم باسمِ خاص في كتابِه، ولم يُسَمِّهم بأهلِ كتاب، ولم يَتوجهْ إليهم بنفسِ الخطاب: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ﴾ [الحج: ١٧]، فهم طائفة موحِّدونَ من بقايا حنيفيةِ إبراهيمَ قبلَ الإسلام، ولا يقولونَ بالتثليث، ويرَونَ خالقا واحدا، ومعبودا واحدا، وطوائفُ منهم يعملونَ بالتوراةِ والإنجيلِ قبلَ نَسخِها، ولم يبقَ منهم اليومَ كبيرُ أحدٍ فيما أعلَم، وقد كان وهب بن منَبِّهٍ -وهو مِن العارِفينَ بأخبارِ السابقينَ وعقائدِهم- يقول في الصابئةِ: "هم مَن يَعرِف اللهَ وحدَه، وليستْ له شريعة يعملُ بها، ولم يُحدِث كفرًا"؛ رواهُ ابنُ أبي حاتمٍ (١).

وقال عبدُ الرحمن بن زيد: "هم قومٌ يقولونَ: لا إلهَ الا اللهُ فقط، وليس لهم كتابٌ ولا نبيٌّ" (٢).

وطائفة أخرى منهم تَنصَّرَت، وأخرى تَهوَّدَت، ودخَلَتها الوثنية، وإنِ اشْتركت مع أهلِ الكتابِ في بعضِ دِينِهم، إلا أنهم ليسوا منهم، وأهلُ الكتابِ لا يَعتبرونَهم منهم، وأكثرُهم اليومَ في العراق، وفيهم عبادةُ الأوثانِ والكواكبِ والنجومِ؛ وهؤلاء لا تَحِل ذبائِحُهم ولا نساؤُهم.

وأما المَجُوس: فقد حَكَى الإجماعَ على تحريمِ ذبائحِهم ونِكَاحِ نسائِهم: أحمد، وإبراهيمُ الحربي، وشدَّدَ أحمدُ على أبي ثورٍ بمخالفتِهِ.

وأما ما جاء في حديثِ عبد الرحمنِ بنِ عوف المرفوعِ: "سُنوا بِهِم


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ١٢٨) و (٤/ ١٧٦).
(٢) "تفسير الطبري" (٢/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>