للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصوَّبَ الإرسالَ أحمدُ والدارقطنيُّ وابنُ رجبٍ (١).

وهكذا كان عملُ الخُلَفاءِ والمسلِمِينَ في الصدرِ الأولِ وما بعدَه؛ أخرَجَ ابنُ أبي شَيْبةَ وأبو يعلى، عن ابنِ عمرَ أنَّ عمرَ: "كان يجمِّرُ المسجدَ في كلِّ جُمُعةٍ" (٢).

ويُمنَعُ مِن دخولِها مَن ينقُلُ إليها الأذَى والقَذَرَ، ويُؤمَرُ الناسُ بالتطهُّرِ والتجمُّلِ لها؛ فما أُمِرَ الناسُ بغُسْلِ الجمعةِ إلا لذلك، ومُنِعَتِ الحائضُ والجُنُبُ مِن المكثِ فيها؛ تعظيمًا لها.

وقولُه تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾ [النور: ٣٦]، والمرادُ أنْ تُنزَّهَ مِن الأذَى والقَذَرِ والنَّجَسِ، المعنويِّ والحسيِّ.

ومِن رفعِها: أنْ تجنَّبَ اللغوَ وساقِطَ القولِ؛ وهذا رُوِيَ عن عِكْرِمةَ والضَّحَّاكِ وغيرِهما (٣).

ومِن اللغوِ: أنْ تُرفَعَ فيها الأصواتُ بلا ذِكْرٍ أو وعظٍ؛ ففي "صحيحِ البخاريِّ"، عن السائبِ بنِ يزيدَ الكِنْديِّ، قال: "كنتُ قائمًا في المسجدِ، فحَصَبَني رجلٌ، فنظَرْتُ، فإذا عمرُ بنُ الخطابِ، فقال: اذهَبْ فائْتِنِي بهذَيْنِ، فجِئتُهُ بهما، فقال: مَن أنتُما؟ أو مِن أينَ أنتُما؟ قالا: مِن أهلِ الطائفِ، قال: لو كنتُما مِن أهلِ البَلَدِ لَأَوْجَعْتُكما؛ ترفعانِ أصواتَكما في مسجدِ رسولِ اللهِ ؟ ! " (٤).

وقد كان عمرُ بنُ الخطابِ إذا رأَى صِبْيانًا يَلْعَبُونَ في المسجدِ، ضرَبَهم بالمِخْفَقَةِ، وهي الدِّرَّةُ (٥).


(١) "علل الدارقطني" (١٤/ ١٥٥)، و"فتح الباري" لابن رجب (٣/ ١٧٣).
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (٧٤٤٥) (٢/ ١٤١)، و"مسند أبي يعلى" (١٩٠) (١/ ١٧٠).
(٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٦٠٤).
(٤) "صحيح البخاري" (٤٧٠) (١/ ١٠١).
(٥) ينظر: "التاريخ الكبير" للبخاري (٤/ ٢٥١)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٤/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>