للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا نزولها في أهلِ الكتاب، فقد صحَّ عن ابنِ عبَّاسِ أنَّ هذه الآيةَ نزَلتْ في أهلِ كتابٍ عاهَدُوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، ونقَضُوا عهدَهُ وأفسَدُوا في الأرضِ؛ فخيَّرَ الله رسولَهُ - صلى الله عليه وسلم -: إنْ شاء أن يقتُلَ، وإن شاء أن يقطَعَ أيديَهم وأرجُلَهم مِن خلافٍ؛ رواهُ ابنُ جريرٍ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ (١).

ورُوِيَ هذا عن الضحَّاكِ وغيرِه (٢).

ورَوَى عِكْرِمةُ، عن ابنِ عبَّاس، أنَّها نزَلت في المُشرِكينَ؛ كما رواهُ عنه أبو داودَ والنسائي (٣).

وأمَّا نزولُها في الحَرُورِيَّةِ وكلِّ مُبتدِعٍ مِن المُسلِمينَ حارَبَ المؤمِنينَ، فقد جاء عن سعدِ بنِ أبي وقاصٍ، فقد رَوَى مُصعبُ بن سعدٍ، عن أبيه، أنَّ الآيةَ نزَلتْ في الحَرُورِيَّةِ؛ رواهُ ابنُ مرْدَوَيْهِ (٤)، ومرادُ سعدٍ: أنَّ الحَروريَّةَ دخَلُوا في هذا الحُكْم، ولم يكنْ يُطلَقُ على أحدٍ حَروريَّةٌ زمن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وحمَلَ هذه الآيةَ على المُحارِبِ المُسلِمِ الجمهورُ، وهو قولُ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيّ، وسببُ النزولِ في المُرتدِّ لا يعني عدمَ دخولِ المسلِمِ المُذْنِبِ فيها.

وأمَّا نزولُها فيمَنِ ارتَدَّ وقطَعَ السبيلَ، فهذا الأشهَرُ والأصحُّ؛ وقد أخرَجَ الحديثَ الشيخانِ وأصحابُ الأصول، عن أنس بن مالكٍ؛ أنَّ نَفَرًا مِن عُكْلٍ ثَمَانِيَةً، قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلَام، فَاسْتَوْخَمُوا الأَرْضَ، وَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،


(١) "تفسير الطبري" (٨/ ٣٦٠).
(٢) المرجع السابق.
(٣) أخرجه أبو داود (٤٣٧٢) (٤/ ١٣٢)، والنسائي (٤٠٤٦) (٧/ ١٠١).
(٤) "تفسير ابن كثير" (٣/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>