للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثبَتَ؛ مِن حديثِ عائشة؛ قالتْ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: (تُقْطَعُ اليَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا)؛ رواه الشيخان (١).

وقولُه فيه: "فَصَاعِدًا" دليلٌ على أنه لا يُقطَعُ في أدنى من الرُّبُع، وأصرَحُ مِن ذلك: روايةُ مسلمٍ؛ ففيها النهيُ عن القطع فيما هو أقلُّ، قال - صلى الله عليه وسلم -: (لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا في رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا) (٢).

وحديثُ قطعِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في المِجَنِّ، وقطعِ عثمانَ في الأُتْرُجَّة، وأنَّها ثلاثةُ دراهمَ، لا تُعارِضُ حديثَ عائشةَ هذا؛ وذلك أنَّ صَرْفَ الدراهمِ بالدنانيرِ يتفاوَتُ بحسَبِ الحالِ والزمان، واليُسْرِ والعُسْرِ، ولكنَّه يقرُبُ مِن ثلاثةِ دراهمَ، وقد جاء صريحًا في قطع عثمانَ في الأُتْرُجَّةِ حيثُ قوَّمَها فوجَدَها تُساوي ثلاثةَ دراهمَ مِن صَرْفِ اثنَيْ عشَرَ دِرْهَمًا بدينارٍ.

وقولُ مالكٍ والشافعيِّ مُتقارِبانِ.

الرابعُ: جعَلَ أحمدُ العملَ بحديثِ ربعِ الدِّينارِ وثلاثةِ الدراهمِ جميعًا، وأنَّ كلَّ واحدٍ منهما نِصابٌ؛ فإنْ كان المسروقُ فِضَّةً، فيُقطَعُ في ثلاثةِ دراهمَ، وإن كان ذهبًا، ففي ربعِ دينارٍ؛ وهذا القولُ الرابعُ في المسألةِ قال به إسحاقُ وغيرُه.

والأظهَرُ -والله أعلَمُ- الاعتبارُ بحديثِ ربع الدِّينارِ عندَ الاختلافِ؛ لأنَّ القطعَ بثلاثةِ دراهمَ لمساواةِ الدراهمِ الثلاثةِ لرُبُعِ دينارٍ، كما جاء في فِعْل عثمانَ، ولو زادَتِ الدراهمُ على الدنانير في الصَّرْفِ وهو نادرٌ، فلا يُقطَعُ في أقلَّ مِن ربع دينارٍ ولو كان ثلاثةَ دراهمَ؛ لصراحةِ الحديثِ في "الصحيح": (لا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلا في رُبُع دينار


(١) أخرجه البخاري (٦٧٨٩) (٨/ ١٦٠)، ومسلم (١٦٨٤) (٣/ ١٣١٢).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٨٤) (٣/ ١٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>