ومنهم مَنْ قال: بأنَّ القطعَ مرةٌ واحدةٌ، والعقوبةُ بعدَ ذلك تكونُ تعزيرًا؛ وهذا ظاهرُ قولِ عطاءٍ وأبي حنيفةَ.
واختلَفَ قولُ مَن قال بالقطعِ بعدَ الثانيةِ فيما يُقطَعُ بعد السرقةِ الأُولى:
فمنهم مَنْ قال: تُقطَعُ يدُه اليُسْرى؛ وهذا الذي عليه عملُ الخلفاءِ؛ كأبي بكرٍ وعمرَ، ولم يُخالِفْهم أحدٌ مِن الصحابةِ فيما أعلَمُ؛ وبه يقولُ مالكٌ والشافعيُّ وروايةٌ عن أحمدَ.
ومنهم مَن قال: تُقطَعُ الرِّجلُ مِن خِلافٍ، فلا يُقطَعُ إلا يدٌ ورِجلٌ؛ وهو قولُ الزُّهريِّ وحمَّادٍ، وروايةٌ عن أحمدَ، قال الزُّهريُّ:"لَمْ يَبْلُغْنَا فِي السُّنَّةِ إلا قَطْعُ الْيَدِ والرِّجْلِ"(١).
ولا نصَّ في المسألةِ؛ لنُدْرةِ وقوعِها؛ أنْ يَسِرقَ الرَّجُلُ بعدَ قطعِهِ مرةً أو مرَّتَيْنِ وأكثَرَ، ويُرجَعُ في ذلك إلى الاجتهادِ بحسَبِ الحالِ والمصلحةِ مِن تَعْيِينِ موضعِ القطعِ وأشَدِّها ردعًا وزجرًا.