للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندَ تعمُّدِ تركِها، ويُنسَبُ إلى بعضِ الأئمَّةِ أقوالٌ في حُرْمةِ أكلِ ما تُرِكَتِ التسميةُ عليه عمدًا مِن بهيمةِ الأنعامِ؛ لأنَّهم يقولونَ بوجوبِ التسمية، والقولُ بوجوبِ التسميةِ لا يَلزَمُ منه جعلُ الذبيحةِ في حُكْمِ الميتةِ إلَّا لِمَنْ صرَّحَ بذلك، أو كانتْ أُصولُهُ تَقتضي ذلك.

واللهُ قد أحَلَّ ذبيحةَ أهلِ الكتاب، ولم يُلزِمْ أهلَ الإيمانِ بالتحرِّي في تسميتِهم على ذبائحِهم، وتركُهُمْ لذِكْرِ اسمِ اللهِ على الذبيحةِ يقعُ منهم أكثَرَ مِن أهلِ الإسلامِ؛ وهدا ظاهرٌ في حديثِ عائشةَ؛ أنَّ قومًا قالوا للنبيِّ : إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِاللَّحْم، لَا نَدْرِي: أَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فقال: (سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ)، قالتْ: وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدِ بِالكُفْرِ (١).

وأمَّا حديثُ: (ذَبِيحَةُ المُسْلِمِ حَلَالٌ، سَمَّى أَو لَمْ يُسَمِّ، مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ، والصَّيْدُ كَذَلِكَ)، فرواهُ عبدُ بن حُمَيْدٍ في "تفسيرِه"؛ مِن حديثِ راشدِ بنِ سعدٍ، مرسلًا (٢).

* * *

قال تعالى: ﴿وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (١٣٨) وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٣٨ - ١٣٩].

تقدَّمَ في مواضعَ ذِكْرُ ما حرَّمَهُ الجاهليُّونَ على أنفسِهِمْ مِن السائبةِ


(١) أخرجه البخاري (٥٥٠٧).
(٢) "الدر المنثور" (٦/ ١٨٨)، وأخرجه الحارث في "بغية الباحث، عن زوائد مسند الحارث" (٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>