للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢].

المرادُ بالنُّسُكِ: الذبحُ عندَ عامَّةِ المفسِّرينَ، وفي الآيةِ: عمومُ جَرَيانِ الأحكامِ وسَرَيانِها على المكلَّفينَ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ متى قام مُوجِبُها عليهم؛ حيثُ قيَّدَ اللهُ حقَّ اللهِ على العبدِ في حياتِهِ بقولِهِ: ﴿وَمَحْيَايَ﴾، فأطلَقَهُ في عمومِ الحياة، ولم يُقيِّدْهُ بزمانٍ ولا مكانٍ.

ومَن يقولُ مِن بعضِ المَلاحِدةِ اليومَ "إنَّ التكاليفَ في مواضعِ العِبادةِ ودُورِها فحَسْبُ، أو هي في التكليفاتِ الخاصَّةِ بالفردِ فقطْ؛ لا تكونُ في الأشياءِ المشتَرَكةِ بينَ الناسِ في مجتَمَعَاتِهم"؛ فيَجعَلونَهُ خاصَّةً بينَ العبدِ وبينَ ربِّه؛ كما يُقرِّرُهُ فلاسفةُ اللِّيبراليَّةِ والعَلْمانيَّةِ -: فهذا إلحادٌ وكُفْرٌ أشَدُّ مِن كفرِ الوثنيَّةِ؛ لأنَّ الوثنيَّةَ تعبُدُ اللهَ، وغيرَ الله، فتُشرِكُهُ بالعبادةِ مع أصنامِها، فقد جعَلُوا للهِ بعضَ الحقِّ في أنفسِهِمْ في كلِّ مكانٍ، وفلاسفة العَلْمانيَّةِ لم يَجعَلُوا للهِ حقًّا مطلَقًا في الحياةِ؛ تعالى اللهُ!

* * *

* قال تعالى: ﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤].

لا تَحمِل النفوسُ إلَّا أوزارَها وحَسَناتِها، التي كسَبَت بنفسِها أو دَلَّتْ غَيْرَها عليها؛ فأخَذَت إثمَ الدَّلَالةِ أو أجرَهَا وعَمَلَ المدلولِ ولو لم تَقُمْ بالعملِ بنفسِها؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [يس: ٥٤]، وقال: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وقال: ﴿نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ﴾ [المدثر: ٣٨ - ٣٩]، وقال: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: ٣٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>