للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقتَلُ، مُحْصَنًا وغيرَ مُحصَنٍ، وقد حكاهُ بعضُهُمْ عن الصحابةِ إجماعًا؛ كابنِ القَصَّارِ وابنِ تيميَّةَ، وهو قولُ جمهورِ الفقهاء، واختلَفُوا في صِفَةِ قتلِه؛ فقيل: يُرجَمُ، وقيل: يُرمَى مِن شاهِقٍ، وقيل: يُرمَى مِن شاهقٍ ثم يُتْبَعُ الحجارةَ كما فُعِلَ بقومِ لوطٍ؛ وقد صَحَّ هذا عن ابنِ عبَّاسٍ (١) وغيرِه، وهو قولُ مالكٍ، وأحمدَ في المشهور، والشافعيِّ في قولٍ.

وبعضُهُمْ قال بقتلِهِ على أيِّ طريقةٍ ولو بالسيف، أو رميِهِ مِن شاهِقٍ، فلم يجعَلِ الرجمَ مقصودًا لذاتِه.

ولا يُحفَظُ مِن وجهٍ يَصِحُّ عن أحدٍ مِن الصحابةِ: أنه قال بعدمِ قتلِ فاعلِ فعلِ فومِ لوطٍ؛ وإنَّما الخلافُ عنهم في صِفَةِ قتلِه؛ ومِن هنا اختلَفَ الفقهاءُ لأجلِ اختلافِهم:

فمنهم: مَن جعَلَ اتِّفاقَهُمْ كان على حَدٍّ، لا على تعزيرٍ.

ومنهم: مَن جعَلَ اتِّفاقَهُمْ على تعزيرٍ، لا على حدٍّ؛ لأنَّ اختلافَهُمْ في صفةِ قتلِهِ يُشعِرُ بأنَّه تعزيرٌ؛ فالأصلُ في الحدودِ: تعيينُ صفةِ القتلِ؛ كما في رجمِ الزَّاني والقِصَاصِ وشِبْهِهما.

وقد جاء في بيانِ حدِّ فاعلِ اللُّوطيَّةِ أحاديثُ مرفوعةٌ، مِن أشهرِها حديثُ عِكرِمةَ، عن ابنِ عباسٍ يَرفَعُهُ: (مَنْ وَجَدتُّمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفعُولَ بِهِ)؛ رواةُ أحمدُ، وهو في "السُّننِ" (٢)، وفيه كلامٌ، وفيه عن أبي هريرةَ ومِن فعلِ أبي بكرٍ؛ وهي معلولةٌ.

وروى أبو داودَ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ ومجاهدٍ، يحدِّثانِ عن


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٨٣٣٧)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٣٢).
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٣٠٠)، وأبو داود (٤٤٦٢)، والترمذي (١٤٥٦)، وابن ماجه (٢٥٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>