للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْرَأُ" (١).

وأمَّا إيجابُ القراءةِ لظاهرِ حديثِ عُبَادَةَ في "الصحيحَيْنِ": (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) (٢)، ونحوِه في مسلمٍ، عن أبي هريرةَ: (مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآن، فَهِيَ خِدَاجٌ - ثَلَاثا - غَيْرُ تَمَامٍ) (٣)، فذلك هو الأصلُ، وهو وجوبُ قراءةِ الفاتحة، وهو الأغلبُ في الصلواتِ؛ لأنَّ غالبَ الصلواتِ سرِّيَّةٌ لا جهريَّةٌ، وحتى الجهريَّةُ لا تَسقُطُ الفاتحةُ عن الإمام، فهي واجبةٌ لكلِّ صلاةٍ وكلِّ ركعةٍ، ومقامُ الإمامِ في الجهريَّةِ مقامُ المَأمومِ وهو نائبُهُ فيها، فهو يَقرَأُ والمأمومُ يُنصِتُ، وللمأمومِ أجرُ ما عقَلَ مِن سماعِه؛ كما أنَّ للإمامِ ما عقَلَ مِن قراءتِه، والمأمومُ يُؤَمِّنُ بعدَ الفاتحةِ مع الإمام، والمُؤَمِّنُ كالدَّاعي، كما جعَلَ اللهُ هارونَ داعيًا وهو يُؤَمِّنُ مع موسى؛ كما قال تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾ [يونس: ٨٨ - ٨٩].

والنصوصُ تتعلَّقُ بالأغلب، وأغلبُ الصلاةِ تجبُ فيها؛ كنوافلِ الرَّواتِب، فهي في اليومِ اثنتَا عَشْرةَ ركعةً، ويَزِيدُ في ذلك صلاةُ الضُّحَا، وتحيَّةُ المسجد، وقيامُ الليل، والفرائضُ تجبُ في جميعِها على الإمام، وفي السِّرِّيَّةِ على الجميعِ على الصحيح، والناظرُ لصلاةِ المرأةِ كلِّها جُلُّها في بيتِها ويجبُ عليها القراءةُ فيها جميعًا، وكلُّ منفرِدٍ مِن الرِّجالِ مِثْلُها لفَرْضِهِ ونَفْلِه، واستثناءُ الجهريَّةِ مِن إيجابِ القراءةِ لا يُلْغي الحُكْمَ،


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٧٨٥).
(٢) أخرجه البخاري (٧٥٦)، ومسلم (٣٩٤).
(٣) أخرجه مسلم (٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>