للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما ورَدَ المَعْنيانِ عن الصحابةِ كابنِ عبَّاسٍ وغيرِه، وأنَّ معانيَ الأنفالِ تتحقَّقُ جميعًا في كثيرٍ مِن النصوصِ مِن جههٍ اللُّغةِ وسياقِ الآيات، وإنْ كانتْ بعضُ سياقاتِ الآياتِ والأحاديثِ تعيِّنُ أحدَ هذه الأنواع؛ كالغنيمةِ بأنَّه ما أُخِذَ بقتالٍ؛ فذلك لا يُخرِجُها عن دخولِها فيما تشترِكُ فيه مِن المعاني؛ كالنفقةِ والصدَقةِ والزَّكاة والهِبَةِ والعطاء، وكلُّها مَعانٍ تشتركُ في معنًى، وتختلفُ كلُّ واحدةٍ عن الأُخرى بنوعٍ يختصُّ بها، وقد يتَّفقُ بعضُها مع بعضٍ في المعنى في بعضِ المواضعِ مِن القرآنِ كالنفقةِ والصدقةِ؛ فهي شاملةٌ لذلك كلِّه في كثيرٍ مِن مواضعِ القرآنِ والسُّنَّةِ.

وروى أبو داودَ، عن عِكْرِمةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ؛ قال: "قال رسولُ اللهِ يومَ بدرٍ: (مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَلَهُ مِنَ النَّفَلِ كَذَا وَكَذَا)، قَالَ: فَتَقَدَّمَ الْفِتْيَانُ، وَلَزِمَ المَشْيَخَةُ الرَّايَاتِ فلَمْ يَبْرَحُوهَا، فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيهِمْ، قَالَ المَشْيَخَةُ: كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ؛ لَوِ انْهَزَمْتُمْ لَفِئْتُمْ إِلَيْنَا، فَلَا تَذْهَبُوا بِالمَغنَمِ وَنَبْقَى، فَأَبَى الْفِتْيَانُ، وَقَالُوا: جَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ لَنَا، فأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ إلى قولِهِ: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾ [الأنفال: ٥]؛ يَقُولُ: فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا فَأَطِيعُونِي؛ فَإِنِّي أَعْلَمُ بِعَاقِبَةِ هَذَا مِنْكُمْ" (١).

وقد أعطى النبيُّ يومَ بَدْرٍ مِن الغنيمةِ بعضَ مَن لم يُقاتِلْ ولم يحضُرِ القتالَ كعثمانَ بنِ عفَّانَ؛ لأنَّه تخلَّفَ بإذنِ رسولِ اللهِ يمرِّضُ زوجتَهُ ابنةَ الرسولِ ، وأعطى طلحةَ وسعيدَ بنَ زيدٍ؛ لأنَّه بعَثَهما يَتجسَّسانِ على عِيرٍ لقريشٍ في طريقِ الشام، وهؤلاءِ مُهاجِرونَ، وأعطى مِن الأنصارِ أبا لُبَابةَ بنَ المُنذِرِ؛ لأنَّه خليفتُهُ على المدينة، وعاصمًا، والحارثَ بنَ حاطبٍ، والحارثَ بنَ الصِّمَّة، وخَوَّاتَ بنَ جُبَيْرٍ، وكلُّ


(١) أخرجه أبو داود (٢٧٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>