للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القولُ الأوَّلُ: القولُ بالنَّسْخِ؛ صحَّ هذا عن ابنِ عبَّاسٍ (١)، ويُروى عن مجاهدٍ وعِكْرِمةَ (٢)، وبه قال أبو عُبَيْدِ القاسمُ بن سلَّامِ (٣)، وقد يسمِّي بعضُ السلفِ التخصيصَ نسخًا.

القولُ الثاني: القولُ بأنَّ الآيتَيْنِ مُحْكَمتان، وحمَلُوا آيةَ الأنفالِ على مَحامِلَ:

منها: أنَّها مُجمَلةٌ، وآيةُ الغنيمةِ مفسِّرةٌ مبيِّنةٌ لها، وكلاهُما مُحْكَمٌ؛ فكانتِ الغنيمةُ كلُّها أنفالًا لرسولِ اللهِ ، ثم جعَلَ اللهُ له منها الخُمُسَ نافلةً، والباقيَ للغُزاةِ كما في آيةِ الغنائمِ التالِيةِ؛ فآيةُ الغنائمِ خصَّصَتْ وما نسَخَتْ على هذا القولِ.

ومنها: أنَّ السؤالَ عن الأنفالِ كان عن نافلةِ الخُمُس، لا عن أصلِ الغنيمةِ؛ فجعَلُوا حُكْمَ الغنيمةِ معلومًا قبلَ ذلك بغيرِ القرآنِ؛ وإنَّما يُريدونَ النافلةَ مِن الخُمُسِ؛ وعلى هذا لم تكنْ آيةُ الأنفالِ منسوخةً؛ كما روَى ابنُ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ؛ أنَّهم سأَلوا رسولَ اللهِ عن الخُمُسِ بعدَ الأربعةِ الأخماس، فنزَلتْ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ (٤).

ولم يَثبُتْ أنَّ الغنائمَ كانتْ تُخمَّسُ ومعلومةَ الفصلِ في غزوةِ بدرٍ قبلَ نزولِ آيةِ الأنفالِ.

ومنها: أنَّ الأنفالَ ما شَذَّ مِن أموالِ المشركينَ بغيرِ قتالٍ؛ كالبعيرِ الشارِدِ والفرسِ الشاذَّة، وكان سؤالُ الصحابةِ عن تلك الأنفال، لا عن أصلِ الغنيمةِ؛ كما صحَّ عن عطاءِ بنِ أبي رباحٍ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾؛ قال: يَسألونَكَ فيما شَذَّ مِن المشركينَ إلى المُسلِمينَ في غيرِ قتالٍ؛ مِن دابَّةٍ أو عبدٍ أو أَمَةٍ أو متاعٍ؛ فهو نفَلٌ للنبيِّ يَصنَعُ به ما يشاءُ (٥).


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٥/ ١٦٥٣).
(٢) "تفسير الطبري" (١١/ ٢١).
(٣) "الأموال" لأبي عبيد (ص ٣٨٤).
(٤) "تفسير الطبري" (١١/ ١٠).
(٥) "تفسير الطبري" (١١/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>