للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذلك أنَّ الأمَّةَ التي تعطِّلُ الجهادَ كالأمَّةِ الميِّتةِ؛ لأنَّ اللهَ سمَّاهُ حياةً في قوله ﴿دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾، وهو الجهادُ.

ويُظهِرُ تلازُمَ اشتِدادِ الفِتَنِ في المُسلِمينَ عندَ تعطيلِ الجهادِ: أنَّ اللهَ ذكَرَ بعدَ حياتِهم به تحذيرَهُ مِن عاقبةِ الفتنِ عليهم بقوله: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾؛ وذلك أنَّ الفَتنَ لا تكثُرُ إلَّا عندَ تعطيلِ الجهادِ والرُّكُونِ إلى الدُّنيا.

* * *

قال تعالى: ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: ٣٤].

تقدَّمَ الكلامُ على مسألةِ الصَّدِّ عن المسجدِ الحرام في سورةِ البقرةِ عندَ قولهِ تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢١٧].

* * *

قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [الأنفال: ٣٥].

كانتْ قريشٌ تتعبَّدُ بالتصفيرِ والتصفيقِ عندَ البيت، والمُكَاءُ هو صفيرُ الطائرِ؛ فيقالُ: مَكَا الطيرُ يَمْكُو مُكَاءً ومَكْوَا: صَفَرَ، والطائرُ يُسمَّى المَكَّاءَ.

والتَّصْدِيَةُ مِن الصَّدَى، وهو ما يَسمَعُهُ الخالي بينَ جبالٍ أو في كُهُوفٍ أو عُمْرانٍ خاليةٍ، وأرِيدَ به هنا التصفيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>