تستجيبُ للتصفيرِ كبعضِ الطيورِ وشِبْهِها مِن غيرِها، وكتصفيقِ مَن يُريدُ تنبيهَ غافلٍ أو وَسْنَانٍ، وذلك بضربِ اليدِ أو القضيبِ على خشبٍ أو مَعدِنٍ، فلم يَرِدْ شيءٌ مِن منعِ هذا النوعِ في السُّنَّةِ وكلامِ الصحابةِ مع احتمالِ ورودِه.
ومنه: تصفيِقُ المرأةِ في النِّكاح، فذلك جائزٌ؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ لمَّا أجازَ التصفيقَ للمرأةِ في الصلاة، ففي غيرِها مِن بابِ أَولى، سواءٌ كان ذلك في نكاحٍ أو أعيادٍ أو غيرِ ذلك مِن الأفراحِ.
ومنه: ما يُكرَهُ؛ وهو تصفيرُ الرِّجالِ وتصفيقُهم في الأفراحِ وعندَ سماعِ ما يُعجِبُهم وَيَسُرُّهم؛ وذلك لأنَّه قد دلَّ الدليلُ على مشروعيَّةِ التكبيرِ والتسبيح، وفد ثبَتَ في "الصحيح"؛ مِن حديثِ أمِّ سلمةَ، عن النبيِّ ﷺ؛ قال:(سُبْحَانَ اللهِ! مَاذَا أنزِلَ مِنَ الخَزَائِن، وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الفِتَنِ؟ ! )، وفيه عن عمرَ أنه قال للنبيِّ ﷺ: طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قال: لا، فقال عمرُ: اللهُ أَكْبَرُ (١).
وقد ترجَمَ البخاريُّ على ذلك بقولِه:(بابُ التكبيرِ والتسبيحِ عندَ التعجُّبِ).
وإبدالُ المشروعِ بغيرِهِ مكروهٌ، وليس التصفيرُ والتصفيقُ مِن مروءةِ رجالِ العربِ، وإنَّما قلْنا بالكراهةِ، ولم نقُل بالتحريمِ؛ لأنَّه لا دليلَ على تحريمِه، والآيةُ في التعبُّدِ به عندَ البيت، وأفعالُ العباداتِ إنْ شابَهَتِ العادات، جازَ فِعْلُها عادةً لا تعبُّدًا، ولو كانتْ ممنوعةً بعَينِها، لَمَا جازَ للمرأةِ التصفيقُ؛ لأنَّ المشابَهةَ للعبادةِ يُنهَى عنها الرجلُ والمرأةُ، والآيةُ عامَّةٌ بحكايةِ حالِ المشرِكينَ، لم تُخصِّصْ رجلًا ولا امرأةً منهم، ولأنَّ المرأةَ لو سبَّحَتْ وصفَّقَ الرجُلُ في الصلاة، لم تَبطُلْ صلاتُهما؛ وإنَّما