وكلُّ مَن أدخَلَ بَني المُطَّلِبِ في ذوي القُربى، وجعَلَ لهم سهمًا مِن الخُمُس، فالأصلُ أنه يَلتزِمُ بالقولِ بتحريمِ الزكاةِ عليهم تَبَعًا؛ لأنَّ اللهَ منَعَهم وعوَّضَهم، ومِن الفقهاءِ: مَن لا يَلتزمُ بذلك؛ لاختلافِ أصلِ عِلَّةِ استحقاقِ الخُمُسِ عندَه؛ فيَرى أنَّ بني المُطَّلِبِ أُعْطُوا مِن الخُمُسِ لأجلِ مُناصرتِهم النبيَّ ﷺ فقطْ، لا لأجلِ مجرَّدِ قَرابتِهم؛ لاستوائِهم مع غيرِهم بني نَوْفَلٍ وبني عبد شمسٍ، وهو جزاءٌ وإحسانٌ إليهم، وأمَّا الزكاةُ، فبابٌ آخَرُ تَحِلُّ لهم كغيرِهم؛ وبهذا بقولُ جماعةٌ مِن أصحابِ أحمدَ.
والقولُ بهذا قد يفضِّلُ بني المُطَّلِبِ علي بني هاشمٍ مِن وجهِ سَعَةِ الكسبِ؛ أنَّهم استحَقُّوا الخُمُسَ، وحَلَّتْ لهم الزكاةُ، ولا خلافَ أنَّ بني هاشمٍ أفضَلُ مِن بني المُطَّلِبِ.
وتحرُمُ على مَوالي ذوي القُربى الزكاةُ كما تحرُمُ عليهم؛ وقد روى أبو داودَ، عن النبيِّ ﷺ":(مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أنفُسِهِمْ، وَإِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ)(١).
ويدخُلُ أزواجُ النبيِّ ﷺ في هذا الحُكْم، وهم أَولى دخولًا مِن المَوَالي فيه؛ لأنَّهُنَّ أقرَبُ وأفضَلُ، وقد جعَلَهُنَّ اللهُ مِن آلِ بيتِه.
وإذا مُنعَتِ القَرَابةُ الخُمُسَ، فلهم أنْ يأخُذوا مِن الصدَقةِ؛ لأنَّ اللهَ لم يَمْنَعْهم الصدقةَ إلَّا وقد عوَّضَهم مِن الخُمُس، فإذا مُنِعُوهُ، رجَعُوا فصارُوا كغيرِهم؛ حتى لا تَفسُدَ دُنياهم بمنعِ المالِ عن فاقتِهم ومَسْغَبَتِهم، ولم تُرِدِ الشريعةُ الإصرارَ بهم، بل إِكرَامَهم؛ وهذا مَقصَدٌ صحيحٌ، ولا أعظَمَ في الإضرارِ بفُقَرَائِهم مِن منعِهم الخُمُسَ والزكاةَ معًا.
وأخذُ فقيرهم مِن الزكاةِ عندَ منعِ الخُمُسِ وحاجتِه إليها جائزٌ؛ حكَاهُ الطحاويُّ عن أبي حنيفةَ، وبه قال الفاضي يعقوبُ، ومِن الحنفيَّةِ